فصل : فأما إذا  قذف زوجته في حال نكاحها بزنا نسبه إلى أنه كان منها قبل نكاحها   ، فقال : زنيت قبل أن أتزوجك فقد اختلف الفقهاء في جواز لعانه على وجهين : بناء على خلافهم في جواز لعانه بعد الفرقة ، فذهب  أبو حنيفة      : إلى جواز لعانه اعتبارا بحال القذف ؛ لأنه قذفها وهي زوجة ، لذلك منع من جواز اللعان بعد الفرقة . وذهب  الشافعي   إلى أنه لا يجوز أن يلاعن اعتبارا بحال الزنا ، وأنها كانت غير زوجته ولذلك جوز اللعان بعد الفرقة فاعتبر  الشافعي   باللعان حال الزنا دون القذف ، واعتبر  أبو حنيفة   حال القذف دون الزنا استدلالا بقوله تعالى :  والذين يرمون أزواجهم      [ النور : 16 ] فجاز أن يلتعن كل قاذف لزوجته ، ولأنه قاذف لزوجته فجاز لعانه كالزنا في الزوجية ، قال : ولأنه لما جاز أن يلاعن من الزنا الحادث في نكاحه لئلا يلتحق به ولد الزنا جاز في الزنا المتقدم أن يلاعن لهذا المعنى .  
ودليلنا قوله تعالى :  والذين يرمون المحصنات      [ النور : 4 ] الآية ، وهذا في الزنا الذي رميت به أجنبية فحد ولم يلتعن ، ولأنه قذف بزنا هي فيه أجنبية منه فلم يجز أن يلاعن به كما لو لم يتزوجها ، ولأن أصول الشرع مستقرة على أن حد القذف معتبر بحال الزنا لا بحال القذف . ألا ترى لو قال لمعتق : زنيت قبل عتقك ، ولبالغ : زنيت قبل بلوغك ، ولمسلم : زنيت قبل إسلامك ، لم يحد القاذف اعتبارا بحال الزنا دون حال القذف ، وكذلك في اللعان بالقذف فأما الاستدلال بالآية ففيما ذكرناه من الاعتبار بحال الزنا دون القذف دليل على أنه قاذف بالزنا لغير زوجته فلم يكن فيها دليل .  
وأما قياسهم على الزوجية ، فالمعنى في الزوجة ضرورته إلى قذفها لرفع المعرة ونفي النسب ، وليس كذلك هذه ؛ لأنه لا معرة عليه ، ولا ضرر يلحقه فيما لم يكن في نكاحه .  
وأما قولهم : إنه قد يلحق به ولدها من الزنا المتقدم إذا وضعته لستة أشهر من وقت عقده فاضطر إلى قذفها والتعانه منها ، فقد اختلف أصحابنا في جواز التعانه ، منها إن كانت ذات ولد على وجهين :  
أحدهما - وهو قول  أبي علي بن أبي هريرة      - : يجوز حينئذ للضرورة أن يلاعن لأنه      [ ص: 38 ] إذا جاز أن ينفي نسبا بزنا كان على فراشه فأولى أن ينفيه بزنا كان قبل نكاحه . ولا سبيل إلى نفيه إلا بقذفها .  
والوجه الثاني : وهو قول  أبي إسحاق المروزي   أنه لا يجوز أن يلاعن منها إن كانت ذات ولد كما لا يجوز أن يلاعن منها وإن خلت من ولد ؛ لأنه زنا من أجنبية ، ولا ضرورة به إليه ، وإن كانت ذات ولد ؛ لأنه قد يمكن أن يقذفها بزنا مطلق فيلاعن منه ولا ينسبه إلى ما قبل الزوجية فيمنعه من اللعان والله أعلم  
				
						
						
