الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " ولو رأت الدم في الثالثة دفعة ثم ارتفع يومين أو ثلاثة أو أكثر ، فإن كان الوقت الذي رأت فيه الدفعة في أيام حيضها ورأت صفرة أو كدرة أو لم تر طهرا حتى يكمل يوما وليلة فهو حيض ، وإن كان في غير أيام الحيض فكذلك إذا أمكن أن يكون بين رؤيتها الدم والحيض قبله قدر طهر ، وإن رأت الدم أقل من يوم وليلة لم يكن حيضا " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : قد ذكرنا أن عدة المطلقة في الطهر تنقضي بدخولها في الحيضة الثالثة ، والمطلقة في الحيض تنقضي عدتها بدخولها في الحيضة الرابعة ، فوصف الشافعي حال الحيضة الأخيرة لتعلق انقضاء المدة بها ، فإذا رأت دم الحيضة الثالثة بعد الطهر الثالث لم يخل حاله من أحد أمرين : إما أن يكون في أيام العادة ، أو يكون في غيرها ، فإن كان في أيام العادة فهو على ضربين : أحدهما : أن يتصل يوما وليلة ، فيكون حيضا سواء بلغ قدر عادتها من الحيض أو نقص عنه ، لأن الحيض قد يزيد وينقص ، وسواء كان الدم أسود أو كان صفرة أو كدرة ؛ لأن الصفرة والكدرة في أيام العادة حيض بإجماع أصحابنا ، وإذا كان كذلك انقضت عدتها بدخولها في هذا الحيض على ما قدمناه من شرح المذهب فيه . والضرب الثاني : أن ينقطع لأقل من يوم وليلة فهو على ضربين : أحدهما : أن يتصل الطهر الذي بعده خمسة عشر يوما فلا يكون ذلك الدم [ ص: 181 ] الناقص عن اليوم والليلة حيضا لنقصانه عن أقل الحيض ، ويكون دم فساد يجري عليه حكم الطهر في بقاء العدة ، ويكون ما بعده من الطهر مضافا إلى الطهر الأول ، وجميعهما طهر واحد ويكون ما بعده من الدم المستقبل هو الحيض الذي تنقضي به العدة إذا اتصل يوما وليلة .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن لا يتصل الطهر الذي بعده خمسة عشر يوما حتى يرى الدم فيلفق بين الدمين إذا كان بينهما أقل من خمسة عشر يوما ، فإن استكمل يوما وليلة كان الأول حيضا تنقضي به العدة ، وإن لم تستكمل بالتلفيق يوما وليلة فليس بحيض ، وهي باقية في العدة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية