[ ص: 232 ] باب
nindex.php?page=treesubj&link=12532عدة الوفاة
مسألة : قال
الشافعي رحمه الله : قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=234والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن الآية ، فدلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها على الحرة غير ذات الحمل ؛
nindex.php?page=hadith&LINKID=924271لقوله صلى الله عليه وسلم لسبيعة الأسلمية وقد وضعت بعد وفاة زوجها بنصف شهر " قد حللت فانكحي من شئت " قال
عمر بن الخطاب رضي الله عنه : لو وضعت وزوجها على سريره لم يدفن لحلت ، وقال
ابن عمر : إذا وضعت حلت " .
قال
الماوردي : والأصل في عدة الوفاة أنها كانت في الجاهلية وفي صدر الإسلام بحول كامل ، قال الله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=240nindex.php?page=treesubj&link=28973والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج [ البقرة : 240 ] فكانت العدة سنة ولها في العدة النفقة فنسخت النفقة بالميراث ، ونسخت السنة بأربعة أشهر وعشر وقال الله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=234nindex.php?page=treesubj&link=28973والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا [ البقرة : 234 ] فصار الحول بها منسوخا فإن قيل : فنسخ الشهور بالحول أولى من نسخ الحول بالشهور لأمرين : أحدهما : أن آية الحول متأخرة في التلاوة عن آية الشهور ، والمتأخر هو الناسخ لما تقدمه . والثاني : أن الحول أعم من الشهور وأزيد ، والأخذ بالزيادة أولى من الأخذ بالنقصان ، قيل : هذا لا يصح مع انعقاد الإجماع على خلافه من وجهين : أحدهما : أن آية الشهور متأخرة في التنزيل عن آية الحول ، وإن كانت متقدمة عليها في التلاوة والنسخ ، وإنما يكون بالمتأخرة في التنزيل لا بالمتأخرة في التلاوة وقد تقدم تلاوة ما تأخر تنزيله وتأخر تلاوة ما تقدم تنزيله مثل قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=142nindex.php?page=treesubj&link=32265سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها [ البقرة : 142 ] نزلت بعد قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=144قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام [ البقرة : 144 ] وهو متقدم عليه في التلاوة وكقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=52لا يحل لك النساء من بعد [ الأحزاب : 52 ] متقدم في التنزيل على قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=50إنا أحللنا لك أزواجك [ الأحزاب : 50 ] وهو متأخر عنه في التلاوة .
[ ص: 233 ] فإن قيل : فمن أين لكم أن آية الشهور متقدمة في التنزيل على آية الحول . قلنا من وجهين : أحدهما : نقل أجمع المسلمون عليه ، ورواه
عكرمة عن
ابن عباس وهو ترجمان القرآن . والثاني : أن الحول تقدم فعله في الجاهلية ، وثبت حكمه في صدر الإسلام فكان ما خالفه طارئا عليه ، قال
لبيد .
إلى الحول ثم اسم السلام عليكما ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر
فثبت بذلك تقدم الحول في الجاهلية وصدر الإسلام فلذلك صارت آية الشهور بعدها ، فإن قيل : فلم قدمت تلاوة ما تأخر تنزيله ، وهلا كانت التلاوة مترتبة على التنزيل ؟ قيل : قد فعل الله تعالى هذا تارة وأمر بهذا تارة بحسب ما يراه من المصلحة : فإن ترتيب التلاوة على التنزيل ، فقدمت تلاوة ما تقدم تنزيله وأخرت تلاوة ما تأخر تنزيله فقد انقضى ، وإن قدمت تلاوة ما تأخر تنزيله فلسبق القارئ إلى تلاوته ومعرفة الثابت من حكمه حتى إن لم يقر ما بعده من منسوخ الحكم أجزأه . والوجه الثاني : أن السنة الواردة تدل على نسخ الحول بأربعة أشهر وعشر بخبرين : أحدهما : ما رواه
الزهري عن
عروة عن
عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924272لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الأخر أن nindex.php?page=treesubj&link=12625_12626تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا والثاني : ما روته
nindex.php?page=showalam&ids=170زينب بنت أبي سلمة عن أمها
nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة رضي الله تعالى عنها قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924273جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالت : يا رسول الله إن بنتي توفي زوجها وقد رمدت [ ص: 234 ] عينها أفأكحلها فقال : لا مرتين أو ثلاثا قد كانت إحداكن تمكث حولا ، ثم ترمي بالبعرة ، وإنما هي أربعة أشهر وعشر واختلف في معنى إلقائها للبعرة على قبره ، فقيل : معناها أنني قد أديت حقك وألقيته عني كإلقاء هذه البعرة ، وقيل معناه : أن ما لقيته في الحول من الشدة هي في عظم حقك علي كهوان هذه البعرة فأتت السنة بهذين الخبرين ، وإن آية الشهور ناسخة لآية الحول ، ثم اختلف أصحابنا في صفة النسخ على وجهين : أحدهما : أنها نسخت جميع الحول ثم ثبت بها أربعة أشهر وعشر ، وهذا محكي عن
أبي سعيد الإصطخري . والوجه الثاني : وهو الظاهر من كلام
الشافعي أن آية الشهور نسخت من آية الحول ما زاد على أربعة أشهر وعشر وبقي الحول أربعة أشهر وعشرا ، فيكون وجوبها بآية الحول ، وآية الشهور مقصورة على نسخ الزيادة ، ومؤكدة لوجوب أربعة أشهر وعشر ، وليس في هذا الاختلاف تأثير في حكم .
[ ص: 232 ] بَابُ
nindex.php?page=treesubj&link=12532عِدَّةِ الْوَفَاةِ
مَسْأَلَةٌ : قَالَ
الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=234وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ الْآيَةَ ، فَدَلَّتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا عَلَى الْحُرَّةِ غَيْرِ ذَاتِ الْحَمْلِ ؛
nindex.php?page=hadith&LINKID=924271لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسُبَيْعَةَ الْأَسْلَمِيَّةِ وَقَدْ وَضَعَتْ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِنِصْفِ شَهْرٍ " قَدْ حَلَلْتِ فَانْكِحِي مَنْ شِئْتِ " قَالَ
عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : لَوْ وَضَعَتْ وَزَوْجُهَا عَلَى سَرِيرِهِ لَمْ يُدْفَنْ لَحَلَّتْ ، وَقَالَ
ابْنُ عُمَرَ : إِذَا وَضَعَتْ حَلَّتْ " .
قَالَ
الْمَاوَرْدِيُّ : وَالْأَصْلُ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ أَنَّهَا كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَفِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ بِحَوْلٍ كَامِلٍ ، قَالَ اللَّهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=240nindex.php?page=treesubj&link=28973وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ [ الْبَقَرَةِ : 240 ] فَكَانَتِ الْعِدَّةُ سَنَةً وَلَهَا فِي الْعِدَّةِ النَّفَقَةُ فَنُسِخَتِ النَّفَقَةُ بِالْمِيرَاثِ ، وَنُسِخَتِ السَّنَةُ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ وَقَالَ اللَّهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=234nindex.php?page=treesubj&link=28973وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا [ الْبَقَرَةِ : 234 ] فَصَارَ الْحَوْلُ بِهَا مَنْسُوخًا فَإِنْ قِيلَ : فَنَسْخُ الشُّهُورِ بِالْحَوْلِ أَوْلَى مِنْ نَسْخِ الْحَوْلِ بِالشُّهُورِ لِأَمْرَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّ آيَةَ الْحَوْلِ مُتَأَخِّرَةٌ فِي التِّلَاوَةِ عَنْ آيَةِ الشُّهُورِ ، وَالْمُتَأَخِّرُ هُوَ النَّاسِخُ لِمَا تَقَدَّمَهُ . وَالثَّانِي : أَنَّ الْحَوْلَ أَعَمُّ مِنَ الشُّهُورِ وَأَزْيَدُ ، وَالْأَخْذُ بِالزِّيَادَةِ أَوْلَى مِنَ الْأَخْذِ بِالنُّقْصَانِ ، قِيلَ : هَذَا لَا يَصِحُّ مَعَ انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَلَى خِلَافِهِ مِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّ آيَةَ الشُّهُورِ مُتَأَخِّرَةٌ فِي التَّنْزِيلِ عَنْ آيَةِ الْحَوْلِ ، وَإِنْ كَانَتْ مُتَقَدِّمَةً عَلَيْهَا فِي التِّلَاوَةِ وَالنَّسْخِ ، وَإِنَّمَا يَكُونُ بِالْمُتَأَخِّرَةِ فِي التَّنْزِيلِ لَا بِالْمُتَأَخِّرَةِ فِي التِّلَاوَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ تِلَاوَةً مَا تَأَخَّرَ تَنْزِيلُهُ وَتَأَخَّرَ تِلَاوَةً مَا تَقَدَّمَ تَنْزِيلُهُ مِثْلُ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=142nindex.php?page=treesubj&link=32265سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا [ الْبَقَرَةِ : 142 ] نَزَلَتْ بَعْدَ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=144قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ [ الْبَقَرَةِ : 144 ] وَهُوَ مُتَقَدِّمٌ عَلَيْهِ فِي التِّلَاوَةِ وَكَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=52لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ [ الْأَحْزَابِ : 52 ] مُتَقَدِّمٌ فِي التَّنْزِيلِ عَلَى قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=50إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ [ الْأَحْزَابِ : 50 ] وَهُوَ مُتَأَخِّرٌ عَنْهُ فِي التِّلَاوَةِ .
[ ص: 233 ] فَإِنْ قِيلَ : فَمِنْ أَيْنَ لَكُمْ أَنَّ آيَةَ الشُّهُورِ مُتَقَدِّمَةٌ فِي التَّنْزِيلِ عَلَى آيَةِ الْحَوْلِ . قُلْنَا مِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : نَقْلٌ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ ، وَرَوَاهُ
عِكْرِمَةُ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ تُرْجُمَانُ الْقُرْآنِ . وَالثَّانِي : أَنَّ الْحَوْلَ تَقَدَّمَ فِعْلُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، وَثَبَتَ حُكْمُهُ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ فَكَانَ مَا خَالَفَهُ طَارِئًا عَلَيْهِ ، قَالَ
لَبِيدٌ .
إِلَى الْحَوْلِ ثُمَّ اسْمُ السَّلَامِ عَلَيْكُمَا وَمَنْ يَبْكِ حَوْلًا كَامِلًا فَقَدِ اعْتَذَرَ
فَثَبَتَ بِذَلِكَ تَقَدُّمُ الْحَوْلِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَصَدْرِ الْإِسْلَامِ فَلِذَلِكَ صَارَتْ آيَةُ الشُّهُورِ بَعْدَهَا ، فَإِنْ قِيلَ : فَلِمَ قُدِّمَتْ تِلَاوَةُ مَا تَأَخَّرَ تَنْزِيلُهُ ، وَهَلَّا كَانَتِ التِّلَاوَةُ مُتَرَتِّبَةً عَلَى التَّنْزِيلِ ؟ قِيلَ : قَدْ فَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذَا تَارَةً وَأَمَرَ بِهَذَا تَارَةً بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ مِنَ الْمَصْلَحَةِ : فَإِنَّ تَرْتِيبَ التِّلَاوَةِ عَلَى التَّنْزِيلِ ، فُقُدِّمَتْ تِلَاوَةُ مَا تَقَدَّمَ تَنْزِيلُهُ وَأُخِّرَتْ تِلَاوَةُ مَا تَأَخَّرَ تَنْزِيلُهُ فَقَدِ انْقَضَى ، وَإِنْ قُدِّمَتْ تِلَاوَةُ مَا تَأَخَّرَ تَنْزِيلُهُ فَلِسَبْقِ الْقَارِئِ إِلَى تِلَاوَتِهِ وَمَعْرِفَةِ الثَّابِتِ مِنْ حُكْمِهِ حَتَّى إِنْ لَمْ يُقِرَّ مَا بَعْدَهُ مِنْ مَنْسُوخِ الْحُكْمِ أَجْزَأَهُ . وَالْوَجْهُ الثَّانِي : أَنَّ السُّنَّةَ الْوَارِدَةَ تَدُلُّ عَلَى نَسْخِ الْحَوْلِ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ بِخَبَرَيْنِ : أَحَدُهُمَا : مَا رَوَاهُ
الزُّهْرِيُّ عَنْ
عُرْوَةَ عَنْ
عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924272لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْأُخِرِ أَنْ nindex.php?page=treesubj&link=12625_12626تَحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا وَالثَّانِي : مَا رَوَتْهُ
nindex.php?page=showalam&ids=170زَيْنَبُ بِنْتُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أُمِّهَا
nindex.php?page=showalam&ids=54أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا قَالَتْ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924273جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ بِنْتِي تُوُفِّيَ زَوْجُهَا وَقَدْ رَمِدَتْ [ ص: 234 ] عَيْنُهَا أَفَأَكْحُلُهَا فَقَالَ : لَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا قَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ تَمْكُثُ حَوْلًا ، ثُمَّ تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ ، وَإِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَى إِلْقَائِهَا لِلْبَعْرَةِ عَلَى قَبْرِهِ ، فَقِيلَ : مَعْنَاهَا أَنَّنِي قَدْ أَدَّيْتُ حَقَّكَ وَأَلْقَيْتُهُ عَنِّي كَإِلْقَاءِ هَذِهِ الْبَعْرَةِ ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ : أَنَّ مَا لَقِيتُهُ فِي الْحَوْلِ مِنَ الشِّدَّةِ هِيَ فِي عِظَمِ حَقِّكَ عَلَيَّ كَهَوَانِ هَذِهِ الْبَعْرَةِ فَأَتَتِ السُّنَّةُ بِهَذَيْنِ الْخَبِرَيْنِ ، وَإِنَّ آيَةَ الشُّهُورِ نَاسِخَةٌ لَآيَةِ الْحَوْلِ ، ثُمَّ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي صِفَةِ النَّسْخِ عَلَى وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّهَا نَسَخَتْ جَمِيعَ الْحَوْلِ ثُمَّ ثَبَتَ بِهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ ، وَهَذَا مَحْكِيٌّ عَنْ
أَبِي سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيِّ . وَالْوَجْهُ الثَّانِي : وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ
الشَّافِعِيِّ أَنَّ آيَةَ الشُّهُورِ نَسَخَتْ مِنْ آيَةِ الْحَوْلِ مَا زَادَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ وَبَقِيَ الْحَوْلُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ، فَيَكُونُ وُجُوبُهَا بِآيَةِ الْحَوْلِ ، وَآيَةُ الشُّهُورِ مَقْصُورَةٌ عَلَى نَسْخِ الزِّيَادَةِ ، وَمُؤَكِّدَةٌ لِوُجُوبِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ ، وَلَيْسَ فِي هَذَا الِاخْتِلَافِ تَأْثِيرٌ فِي حُكْمٍ .