[ ص: 316 ] باب
nindex.php?page=treesubj&link=12762امرأة المفقود وعدتها إذا نكحت غيره ، وغير ذلك
مسألة : قال
الشافعي رحمه الله تعالى : " في
nindex.php?page=treesubj&link=12762_12765_13656امرأة الغائب أي غيبة كانت لا تعتد ولا تنكح أبدا حتى يأتيها يقين وفاته وترثه ولا يجوز أن تعتد من وفاته ومثلها يرث إلا ورثت زوجها الذي اعتدت من وفاته ، وقال
علي بن أبي طالب رضي الله عنه في امرأة المفقود : " إنها لا تتزوج " . قال
الماوردي : وهذا صحيح ،
nindex.php?page=treesubj&link=12753ولغيبة الرجل عن زوجته حالتان : إحداهما :
nindex.php?page=treesubj&link=14158أن يكون متصل الأخبار معلوم الحياة فنكاح زوجته محال ، وإن طالت غيبته ، وسواء ترك لها مالا أم لا ، وليس لها أن تتزوج غيره ، وهذا متفق عليه . والحال الثانية :
nindex.php?page=treesubj&link=14157أن يكون منقطع الأخبار مجهول الحياة فحكمه على اختلاف أحواله في سفره واحد ، سواء قعد في بلده أو بعد خروجه منه في بر كان سفره أو في بحر ، وسواء كسر مركبه أو فقد بين صفي حرب فهو في هذه الأحوال كلها مفقود ، وماله عليه موقوف يتصرف فيه وكلاؤه ويمنع منه ورثته ، فأما زوجته إذا بعد عهده ، وخفي خبره ففيها قولان : أحدهما : أنها
nindex.php?page=treesubj&link=12765تتربص أربع سنين بحكم حاكم ، ثم بحكم موته في حقها خاصة ، ثم تعتد عدة الوفاة أربعة أشهر وعشرا ، فإذا انقضت فقد حلت للأزواج ، وهو قوله في القديم ، وبه قال من الصحابة
عمر بن الخطاب ،
وعثمان بن عفان ،
وعبد الله بن عباس ،
وعبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهم . ومن الفقهاء :
مالك ،
والأوزاعي ،
وأحمد ،
وإسحاق إلا أن
مالكا فرق بين خروجه ليلا ونهارا فجعله مفقودا إذا خرج ليلا دون النهار . ووجه هذا القول قول الله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=231ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا [ البقرة : 231 ] وفي حبسها عليه في هذه الحال إضرار وعدوان . وروى
عبد الرحمن بن أبي ليلى أن امرأة أتت
عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ، فقالت : إن زوجي خرج إلى مسجد أهله ، وفقد فأمرها أن تتربص أربع سنين فتربصت ،
[ ص: 317 ] ثم عادت ، فقال لها : اعتدي أربعة أشهر وعشرا ، ففعلت ثم عادت ، فقالت : قد حللت للأزواج ، فتزوجت فعاد زوجها فأتى
عمر فقال : زوجت امرأتي ؟ فقال وما ذاك ، فقال : غبت أربع سنين فزوجتها ، فقال : يغيب أحدكم أربع سنين في غير غزاة ولا تجارة ، ثم يأتيني فيقول : زوجت امرأتي ، فقال : خرجت إلى مسجد أهلي فاستلبني الجن فكنت معهم فغزاهم جن من المسلمين فوجدوني معهم في الأسر ، فقالوا : ما دينك ؟ قلت : الإسلام فخيروني بين أن أكون معهم ، وبين الرجوع إلى أهلي فاخترت الرجوع إلى أهلي فسلموني إلى قوم فكنت أسمع بالليل كلام الرجال وأرى بالنهار مثل الغبار فأسير في أثره حتى هبطت عندكم فخيره
عمر بين أن يأخذ زوجته وبين أن يأخذ مهرها . وروى
عاصم الأحول عن
عثمان ، قال : أتت امرأة
عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ، فقالت استهوت الجن زوجها ، فأمرها أن تتربص أربع سنين ثم أمر ولي الذي استهوته الجن أن يطلقها ، ثم أمرها أن تعتد أربعة أشهر وعشرا ، وهذه قضية انتشرت في الصحابة ، وحكم بها عن رأي الجماعة فكانت حجة ؛ ولأن الفسخ لما استحق بالعنة وهو فقد الاستمتاع مع القدرة على النفقة ، واستحق بالإعسار وهو فقد النفقة مع القدرة على الاستمتاع ، فلأن تستحق بغيبة المفقود ، وهو - جامع بين فقد الاستمتاع وفقد النفقة أولى . والقول الثاني : أنها باقية على الزوجة محبوسة على قدوم الزوج ، وإن طالت غيبته ما لم يأتها يقين موته وهو قوله في الجديد . وبه قال من الصحابة :
علي بن أبي طالب ومن الفقهاء :
أبو حنيفة والعراقيون . ووجه ما رواه
سوار بن مصعب عن
محمد بن شرحبيل عن
المغيرة بن شعبة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924313امرأة المفقود امرأته حتى يأتيها الخبر ذكره
الدارقطني في سننه . وروى
ابن عباس مثل ذلك ، وهو نص إن ثبت ؛ ولأن من جهل موته لم يحكم بوفاته كمن غاب أقل من أربع سنين ؛ ولأنه لما جرى عليه حكم الوفاة في ماله مع الجهل بحياته جرى عليه حكم الحياة في زوجاته كما يجري عليه حكم الحياة في أمهات أولاده ؛ ولأنه لو غابت الزوجة حتى خفي خبرها لم يجزها أن يحكم بموتها في إباحة أختها لزوجها ، ونكاح أربع سواها كذلك غيبة الزوج ؛ ولأنه لما جرى عليه في غيبته حكم طلاقه وظهاره جرى عليها حكم الزوجية في تحريمها على غيره ، فأما حديث
عمر فقد روي أنه رجع عن قضيته حين رجع الزوج ، وكذلك
ابن عباس وعثمان فصار إجماعا بعد خلاف ، والاعتبار بالعنة والإعسار مع فساده بغيبه المعروف حياته ، فالمعنى في العنة : نقص الخلقة ، وفي الإعسار وما ألزمه ، وهما مفقودان في المفقود بسلامة خلقته وصحة ذمته .
[ ص: 318 ]
[ ص: 316 ] بَابُ
nindex.php?page=treesubj&link=12762امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ وَعِدَّتِهَا إِذَا نَكَحَتْ غَيْرَهُ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ
مَسْأَلَةٌ : قَالَ
الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى : " فِي
nindex.php?page=treesubj&link=12762_12765_13656امْرَأَةِ الْغَائِبِ أَيَّ غَيْبَةٍ كَانَتْ لَا تَعْتَدُّ وَلَا تَنْكِحُ أَبَدًا حَتَّى يَأْتِيَهَا يَقِينُ وَفَاتِهِ وَتَرِثُهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَعْتَدَّ مِنْ وَفَاتِهِ وَمِثْلُهَا يَرِثُ إِلَّا وَرِثَتْ زَوْجَهَا الَّذِي اعْتَدَّتْ مِنْ وَفَاتِهِ ، وَقَالَ
عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ : " إِنَّهَا لَا تَتَزَوَّجُ " . قَالَ
الْمَاوَرْدِيُّ : وَهَذَا صَحِيحٌ ،
nindex.php?page=treesubj&link=12753وَلِغَيْبَةِ الرَّجُلِ عَنْ زَوْجَتِهِ حَالَتَانِ : إِحْدَاهُمَا :
nindex.php?page=treesubj&link=14158أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلَ الْأَخْبَارِ مَعْلُومَ الْحَيَاةِ فَنِكَاحُ زَوْجَتِهِ مُحَالٌ ، وَإِنْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ ، وَسَوَاءٌ تَرَكَ لَهَا مَالًا أَمْ لَا ، وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ غَيْرَهُ ، وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=14157أَنْ يَكُونَ مُنْقَطِعَ الْأَخْبَارِ مَجْهُولَ الْحَيَاةِ فَحُكْمُهُ عَلَى اخْتِلَافِ أَحْوَالِهِ فِي سَفَرِهِ وَاحِدٌ ، سَوَاءٌ قَعَدَ فِي بَلَدِهِ أَوْ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْهُ فِي بَرٍّ كَانَ سَفَرُهُ أَوْ فِي بَحْرٍ ، وَسَوَاءٌ كُسِرَ مَرْكَبُهُ أَوْ فُقِدَ بَيْنَ صَفَّيْ حَرْبٍ فَهُوَ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ كُلِّهَا مَفْقُودٌ ، وَمَالُهُ عَلَيْهِ مَوْقُوفٌ يَتَصَرَّفُ فِيهِ وُكَلَاؤُهُ وَيُمْنَعُ مِنْهُ وَرَثَتُهُ ، فَأَمَّا زَوْجَتُهُ إِذَا بَعُدَ عَهْدُهُ ، وَخَفِيَ خَبَرُهُ فَفِيهَا قَوْلَانِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّهَا
nindex.php?page=treesubj&link=12765تَتَرَبَّصُ أَرْبَعَ سِنِينَ بِحُكْمِ حَاكِمٍ ، ثُمَّ بِحُكْمِ مَوْتِهِ فِي حَقِّهَا خَاصَّةً ، ثُمَّ تَعْتَدُّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ، فَإِذَا انْقَضَتْ فَقَدْ حَلَّتْ لِلْأَزْوَاجِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْقَدِيمِ ، وَبِهِ قَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ
عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ،
وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ ،
وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ ،
وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ . وَمِنَ الْفُقَهَاءِ :
مَالِكٌ ،
وَالْأَوْزَاعِيُّ ،
وَأَحْمَدُ ،
وَإِسْحَاقُ إِلَّا أَنَّ
مَالِكًا فَرَّقَ بَيْنَ خُرُوجِهِ لَيْلًا وَنَهَارًا فَجَعَلَهُ مَفْقُودًا إِذَا خَرَجَ لَيْلًا دُونَ النَّهَارِ . وَوَجْهُ هَذَا الْقَوْلِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=231وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا [ الْبَقَرَةِ : 231 ] وَفِي حَبْسِهَا عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَالِ إِضْرَارٌ وَعُدْوَانٌ . وَرَوَى
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ
عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، فَقَالَتْ : إِنَّ زَوْجِي خَرَجَ إِلَى مَسْجِدِ أَهْلِهِ ، وَفُقِدَ فَأَمَرَهَا أَنْ تَتَرَبَّصَ أَرْبَعَ سِنِينَ فَتَرَبَّصَتْ ،
[ ص: 317 ] ثُمَّ عَادَتْ ، فَقَالَ لَهَا : اعْتَدِّي أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ، فَفَعَلَتْ ثُمَّ عَادَتْ ، فَقَالَتْ : قَدْ حَلَلْتُ لِلْأَزْوَاجِ ، فَتَزَوَّجَتْ فَعَادَ زَوْجُهَا فَأَتَى
عُمَرَ فَقَالَ : زَوَّجْتَ امْرَأَتِي ؟ فَقَالَ وَمَا ذَاكَ ، فَقَالَ : غِبْتُ أَرْبَعَ سِنِينَ فَزَوَّجْتَهَا ، فَقَالَ : يَغِيبُ أَحَدُكُمْ أَرْبَعَ سِنِينَ فِي غَيْرِ غَزَاةٍ وَلَا تِجَارَةٍ ، ثُمَّ يَأْتِينِي فَيَقُولُ : زَوَّجْتَ امْرَأَتِي ، فَقَالَ : خَرَجْتُ إِلَى مَسْجِدِ أَهْلِي فَاسْتَلَبَنِي الْجِنُّ فَكُنْتُ مَعَهُمْ فَغَزَاهُمْ جِنٌّ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَوَجَدُونِي مَعَهُمْ فِي الْأَسْرِ ، فَقَالُوا : مَا دِينُكَ ؟ قُلْتُ : الْإِسْلَامُ فَخَيَّرُونِي بَيْنَ أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ ، وَبَيْنَ الرُّجُوعِ إِلَى أَهْلِي فَاخْتَرْتُ الرُّجُوعَ إِلَى أَهْلِي فَسَلَّمُونِي إِلَى قَوْمٍ فَكُنْتُ أَسْمَعُ بِاللَّيْلِ كَلَامَ الرِّجَالِ وَأَرَى بِالنَّهَارِ مِثْلَ الْغُبَارِ فَأَسِيرُ فِي أَثَرِهِ حَتَّى هَبَطْتُ عِنْدَكُمْ فَخَيَّرَهُ
عُمَرُ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ زَوْجَتَهُ وَبَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ مَهْرَهَا . وَرَوَى
عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ عَنْ
عُثْمَانَ ، قَالَ : أَتَتِ امْرَأَةٌ
عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، فَقَالَتِ اسْتَهْوَتِ الْجِنُّ زَوْجَهَا ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَتَرَبَّصَ أَرْبَعَ سِنِينَ ثُمَّ أَمَرَ وَلِيَّ الَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الْجِنُّ أَنْ يُطَلِّقَهَا ، ثُمَّ أَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ، وَهَذِهِ قَضِيَّةٌ انْتَشَرَتْ فِي الصَّحَابَةِ ، وَحُكِمَ بِهَا عَنْ رَأْيِ الْجَمَاعَةِ فَكَانَتْ حُجَّةً ؛ وَلِأَنَّ الْفَسْخَ لَمَّا اسْتُحِقَّ بِالْعُنَّةِ وَهُوَ فَقْدُ الِاسْتِمْتَاعِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى النَّفَقَةِ ، وَاسْتُحِقَّ بِالْإِعْسَارِ وَهُوَ فَقْدُ النَّفَقَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الِاسْتِمْتَاعِ ، فَلِأَنْ تُسْتَحَقُّ بِغَيْبَةِ الْمَفْقُودِ ، وَهُوَ - جَامِعٌ بَيْنَ فَقْدِ الِاسْتِمْتَاعِ وَفَقْدِ النَّفَقَةِ أَوْلَى . وَالْقَوْلُ الثَّانِي : أَنَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَى الزَّوْجَةِ مَحْبُوسَةٌ عَلَى قُدُومِ الزَّوْجِ ، وَإِنْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ مَا لَمْ يَأْتِهَا يَقِينُ مَوْتِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْجَدِيدِ . وَبِهِ قَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ :
عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَمِنَ الْفُقَهَاءِ :
أَبُو حَنِيفَةَ وَالْعِرَاقِيُّونَ . وَوَجْهُ مَا رَوَاهُ
سَوَّارُ بْنُ مُصْعَبٍ عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ شُرَحْبِيلَ عَنِ
الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924313امْرَأَةُ الْمَفْقُودِ امْرَأَتُهُ حَتَّى يَأْتِيَهَا الْخَبَرُ ذَكَرَهُ
الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ . وَرَوَى
ابْنُ عَبَّاسٍ مِثْلَ ذَلِكَ ، وَهُوَ نَصٌّ إِنْ ثَبَتَ ؛ وَلِأَنَّ مَنْ جُهِلَ مَوْتُهُ لَمْ يُحْكَمْ بِوَفَاتِهِ كَمَنْ غَابَ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ ؛ وَلِأَنَّهُ لَمَّا جَرَى عَلَيْهِ حُكْمُ الْوَفَاةِ فِي مَالِهِ مَعَ الْجَهْلِ بِحَيَاتِهِ جَرَى عَلَيْهِ حُكْمُ الْحَيَاةِ فِي زَوْجَاتِهِ كَمَا يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ الْحَيَاةِ فِي أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ غَابَتِ الزَّوْجَةُ حَتَّى خَفِيَ خَبَرُهَا لَمْ يُجْزِهَا أَنْ يُحْكَمَ بِمَوْتِهَا فِي إِبَاحَةِ أُخْتِهَا لِزَوْجِهَا ، وَنِكَاحِ أَرْبَعٍ سِوَاهَا كَذَلِكَ غَيْبَةُ الزَّوْجِ ؛ وَلِأَنَّهُ لَمَّا جَرَى عَلَيْهِ فِي غَيْبَتِهِ حُكْمُ طَلَاقِهِ وَظِهَارِهِ جَرَى عَلَيْهَا حُكْمُ الزَّوْجِيَّةِ فِي تَحْرِيمِهَا عَلَى غَيْرِهِ ، فَأَمَّا حَدِيثُ
عُمَرَ فَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ قَضِيَّتِهِ حِينَ رَجَعَ الزَّوْجُ ، وَكَذَلِكَ
ابْنُ عَبَّاسٍ وَعُثْمَانُ فَصَارَ إِجْمَاعًا بَعْدَ خِلَافٍ ، وَالِاعْتِبَارُ بِالْعُنَّةِ وَالْإِعْسَارِ مَعَ فَسَادِهِ بِغَيْبِهِ الْمَعْرُوفِ حَيَاتِهِ ، فَالْمَعْنَى فِي الْعُنَّةِ : نَقْصُ الْخِلْقَةِ ، وَفِي الْإِعْسَارِ وَمَا أُلْزِمَهُ ، وَهُمَا مَفْقُودَانِ فِي الْمَفْقُودِ بِسَلَامَةِ خِلْقَتِهِ وَصِحَّةِ ذِمَّتِهِ .
[ ص: 318 ]