مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : "
nindex.php?page=treesubj&link=12961_12960ولا يجوز من النساء على الرضاع أقل من أربع حرائر بوالغ عدول ، وهو قول
عطاء بن أبي رباح ؛ لأن الله تعالى لما أجاز شهادتهن في الدين جعل امرأتين يقومان مقام رجل " . قال
الماوردي : اختلف الفقهاء في
nindex.php?page=treesubj&link=16054عدد النساء فيما يشهدون فيه منفردات على أربعة مذاهب : أحدها : وهو مذهب
الشافعي وعطاء ، أنه لا يقبل منهن أقل من أربع . والثاني : وهو مذهب
الحسن البصري وعثمان البتي ، أنه يقبل منهن ثلاث . والثالث : وهو مذهب
مالك أنه يقبل فيه امرأتان . والرابع : وهو مذهب
الأوزاعي أنه يقبل منه شهادة الواحدة . واحتج من اعتبر الثلاث بأن الرجل والمرأتين بينة كاملة ، وقد أقيم النساء في هذا الموضع مقام الرجال فأبدل الرجل بامرأتين فصرن ثلاثا . واحتج من اعتبر شهادة امرأتين بما روي عن
عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أن امرأة شهدت عنده أنها أرضعت رجلا وامرأة فقال : اطلبوا لي معها أخرى ، ولم يفسخ النكاح ، ولأنهن قد أقمن مقام الرجال فاقتصر منهن على عدد الرجال . واحتج من قبل شهادة الواحدة بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع شهادة القائلة : ولأنه لما اقتصر على قبول النساء للضرورة قبلت الواحدة ، لأجل الضرورة . والدليل على أنه لا يجوز أن يقبل منهن أقل من أربع قول الله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى [ البقرة : 282 ] وفيه تأويلان : أحدهما : أن يجعلها كالذكر . والثاني : أن تذكرها إذا نسيت فلما أقام المرأتين مقام الرجل لم يقبل من الرجال أقل من اثنين ، وجب أن لا يقبل من النساء أقل من أربع ، ولأن الشهادة إذا كان للنساء فيها مدخل لم يقتصر على شهادة الواحد كالأموال . فأما شهادة القابلة فالجواب عنه يأتي .
[ ص: 403 ] فإن قيل : قد روى
ابن أبي مليكة عن
أبي مريم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924351تزوجت امرأة فجاءت سوداء ، فقالت : إني أرضعتكما فجئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقلت : إن السوداء قالت كذا ، وهي كاذبة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : دعها لا خير لك فيها . قيل عنه ثلاثة أجوبة : أحدها : ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أعرض عنه ، وقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924352وكيف وقد زعمت السوداء أنها أرضعتكما وذلك لا يدل على الحكم بشهادتها في الإمضاء ، ولا في الرد ، وأجراه فجرى الخبر الذي يحتمل الصدق والكذب فلم يقطع بأحدهما . والثاني : أن قول النبي صلى الله عليه وسلم :
دعها لا خير لك فيها طريقه طريق الاختيار والاستحباب دون الالتزام والإيجاب ؛ لقوله
لا خير لك فيها ولو حرمت لأخبره بتحريمها . والثالث : أن السوداء التي شهدت كانت أمة وشهادة الأمة غير مقبولة ، وقد روى الحديث على سياقه
ابن جريج عن
ابن أبي مليكة nindex.php?page=hadith&LINKID=924355أن عقبة بن الحارث أخبره أنه نكح أم يحيى بنت أبي إهاب فقالت له أمة سوداء : قد أرضعتكما ، قال : فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فأعرض عنها ، قال : فجئت فذكرت ذلك له فقال : وكيف وقد زعمت السوداء أنها أرضعتكما ، قال : فنهى عنها . فدل على أن النهي لم يكن للشهادة وإنما كان للاحتياط . فإن قيل : فقد روى
محمد بن عبد الرحمن السلماني عن أبيه عن
ابن عمر nindex.php?page=hadith&LINKID=924356أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عما يجوز في الرضاع فقال رجل أو امرأة . قيل : هذا رواه
حرام ، ورواه أيضا
عمارة بن حرمي وهو ضعيف ، قال
الشافعي حديث
حرام قبوله
حرام وابن السلماني ضعيف وعلى أنه لو صح لكان محمولا على جواز أن يشهد فيه الرجال إذا انفردوا ويشهد به النساء إذا انفردن ، والله أعلم .
مَسْأَلَةٌ : قَالَ
الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : "
nindex.php?page=treesubj&link=12961_12960وَلَا يَجُوزُ مِنَ النِّسَاءِ عَلَى الرَّضَاعِ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعِ حَرَائِرَ بَوَالِغَ عُدُولٍ ، وَهُوَ قَوْلُ
عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا أَجَازَ شَهَادَتَهُنَّ فِي الدَّيْنِ جَعَلَ امْرَأَتَيْنِ يَقُومَانِ مَقَامَ رَجُلٍ " . قَالَ
الْمَاوَرْدِيُّ : اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=16054عَدَدِ النِّسَاءِ فِيمَا يَشْهَدُونَ فِيهِ مُنْفَرِدَاتٍ عَلَى أَرْبَعَةِ مَذَاهِبَ : أَحَدُهَا : وَهُوَ مَذْهَبُ
الشَّافِعِيِّ وَعَطَاءٍ ، أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُنَّ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعٍ . وَالثَّانِي : وَهُوَ مَذْهَبُ
الْحَسَنِ الْبَصَرِيِّ وَعُثْمَانَ الْبَتِّيِّ ، أَنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُنَّ ثَلَاثٌ . وَالثَّالِثُ : وَهُوَ مَذْهَبُ
مَالِكٍ أَنَّهُ يُقْبَلُ فِيهِ امْرَأَتَانِ . وَالرَّابِعُ : وَهُوَ مَذْهَبُ
الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ شَهَادَةُ الْوَاحِدَةِ . وَاحْتَجَّ مَنِ اعْتَبَرَ الثَّلَاثَ بِأَنَّ الرَّجُلَ وَالْمَرْأَتَيْنِ بَيِّنَةٌ كَامِلَةٌ ، وَقَدْ أُقِيمَ النِّسَاءُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مَقَامَ الرِّجَالِ فَأُبْدِلَ الرَّجُلُ بِامْرَأَتَيْنِ فَصِرْنَ ثَلَاثًا . وَاحْتَجَّ مَنِ اعْتَبَرَ شَهَادَةَ امْرَأَتَيْنِ بِمَا رُوِيَ عَنْ
عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ امْرَأَةً شَهِدَتْ عِنْدَهُ أَنَّهَا أَرْضَعَتْ رَجُلًا وَامْرَأَةً فَقَالَ : اطْلُبُوا لِي مَعَهَا أُخْرَى ، وَلَمْ يَفْسَخِ النِّكَاحَ ، وَلِأَنَّهُنَّ قَدْ أُقِمْنَ مَقَامَ الرِّجَالِ فَاقْتُصِرَ مِنْهُنَّ عَلَى عَدَدَ الرِّجَالِ . وَاحْتَجَّ مَنْ قَبِلَ شَهَادَةَ الْوَاحِدَةِ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ شَهَادَةَ الْقَائِلَةِ : وَلِأَنَّهُ لَمَّا اقْتُصِرَ عَلَى قَبُولِ النِّسَاءِ لِلضَّرُورَةِ قُبِلَتِ الْوَاحِدَةُ ، لِأَجْلِ الضَّرُورَةِ . وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقْبَلَ مِنْهُنَّ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعٍ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى [ الْبَقَرَةِ : 282 ] وَفِيهِ تَأْوِيلَانِ : أَحَدُهُمَا : أَنْ يَجْعَلَهَا كَالذَّكَرِ . وَالثَّانِي : أَنْ تُذَكِّرَهَا إِذَا نَسِيَتْ فَلَمَّا أَقَامَ الْمَرْأَتَيْنِ مَقَامَ الرَّجُلِ لَمْ يُقْبَلْ مِنَ الرِّجَالِ أَقَلُّ مِنَ اثْنَيْنِ ، وَجَبَ أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنَ النِّسَاءِ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعٍ ، وَلِأَنَّ الشَّهَادَةَ إِذَا كَانَ لِلنِّسَاءِ فِيهَا مَدْخَلٌ لَمْ يُقْتَصَرْ عَلَى شَهَادَةِ الْوَاحِدِ كَالْأَمْوَالِ . فَأَمَّا شَهَادَةُ الْقَابِلَةِ فَالْجَوَابُ عَنْهُ يَأْتِي .
[ ص: 403 ] فَإِنْ قِيلَ : قَدْ رَوَى
ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ
أَبِي مَرْيَمَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924351تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً فَجَاءَتْ سَوْدَاءُ ، فَقَالَتْ : إِنِّي أَرْضَعْتُكُمَا فَجِئْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَلْتُ : إِنَّ السَّوْدَاءَ قَالَتْ كَذَا ، وَهِيَ كَاذِبَةٌ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : دَعْهَا لَا خَيْرَ لَكَ فِيهَا . قِيلَ عَنْهُ ثَلَاثَةُ أَجْوِبَةٍ : أَحَدُهَا : مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْرَضَ عَنْهُ ، وَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924352وَكَيْفَ وَقَدْ زَعَمَتِ السَّوْدَاءُ أَنَّهَا أَرْضَعَتْكُمَا وَذَلِكَ لَا يَدُلُّ عَلَى الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهَا فِي الْإِمْضَاءِ ، وَلَا فِي الرَّدِّ ، وَأَجْرَاهُ فَجَرَى الْخَبَرُ الَّذِي يَحْتَمِلُ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ فَلَمْ يَقْطَعْ بِأَحَدِهِمَا . وَالثَّانِي : أَنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
دَعْهَا لَا خَيْرَ لَكَ فِيهَا طَرِيقُهُ طَرِيقُ الِاخْتِيَارِ وَالِاسْتِحْبَابِ دُونَ الِالْتِزَامِ وَالْإِيجَابِ ؛ لِقَوْلِهِ
لَا خَيْرَ لَكَ فِيهَا وَلَوْ حَرُمَتْ لَأَخْبَرَهُ بِتَحْرِيمِهَا . وَالثَّالِثُ : أَنَّ السَّوْدَاءَ الَّتِي شَهِدَتْ كَانَتْ أَمَةً وَشَهَادَةُ الْأَمَةِ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ ، وَقَدْ رَوَى الْحَدِيثَ عَلَى سِيَاقِهِ
ابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ
ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ nindex.php?page=hadith&LINKID=924355أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ الْحَارِثِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ نَكَحَ أُمَّ يَحْيَى بِنْتَ أَبِي إِهَابٍ فَقَالَتْ لَهُ أَمَةٌ سَوْدَاءُ : قَدْ أَرْضَعْتُكُمَا ، قَالَ : فَجَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ فَأَعْرَضَ عَنْهَا ، قَالَ : فَجِئْتُ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ : وَكَيْفَ وَقَدْ زَعَمَتِ السَّوْدَاءُ أَنَّهَا أَرْضَعَتْكُمَا ، قَالَ : فَنَهَى عَنْهَا . فَدَلَّ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ لَمْ يَكُنْ لِلشَّهَادَةِ وَإِنَّمَا كَانَ لِلِاحْتِيَاطِ . فَإِنْ قِيلَ : فَقَدْ رَوَى
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّلْمَانِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ
ابْنِ عُمَرَ nindex.php?page=hadith&LINKID=924356أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَمَّا يَجُوزُ فِي الرَّضَاعِ فَقَالَ رَجُلٌ أَوِ امْرَأَةٌ . قِيلَ : هَذَا رَوَاهُ
حَرَامٌ ، وَرَوَاهُ أَيْضًا
عُمَارَةُ بْنُ حَرَمِيٍّ وَهُوَ ضَعِيفٌ ، قَالَ
الشَّافِعِيُّ حَدِيثُ
حَرَامٍ قَبُولُهُ
حَرَامٌ وَابْنُ السَّلْمَانِيِّ ضَعِيفٌ وَعَلَى أَنَّهُ لَوْ صَحَّ لَكَانَ مَحْمُولًا عَلَى جَوَازِ أَنْ يَشْهَدَ فِيهِ الرِّجَالُ إِذَا انْفَرَدُوا وَيَشْهَدَ بِهِ النِّسَاءُ إِذَا انْفَرَدْنَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .