الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ القول في صفة الخدمة ] فإذا ثبت استحقاق الخدمة فالكلام فيها يشتمل على فصلين : أحدهما : صفة الخدمة . والثاني : من يقوم لها بالخدمة ؛ فأما صفة الخدمة فهي نوعان : خارجة وداخلة . فأما الخارجة فيجوز أن يتولاها الرجال والنساء من الأحرار والمماليك ، وأما الداخلة فلا يجوز أن يقوم بها إلا أحد ثلاثة . إما النساء ، وإما ذو محرم من الرجال . وإما صبي لم يحتلم ، وفي الشيخ الهرم ومملوكها وجهان من اختلاف أصحابنا في عورتها معهما . فلو أراد أن يستخدم لها من خالف دينها من اليهود والنصارى ففيه وجهان : أحدهما : وهو قول أبي إسحاق المروزي ، : يجوز لحصول الخدمة بهم ، ولأنهم ربما كانوا أذل نفوسا وأسرع في الخدمة . والوجه الثاني : ليس له ذلك ؛ لأن النفس ربما عافت استخدامه ، ولأنهم ربما لم يؤمنوا لعداوة الدين ، ولو قيل يجوز أن يقوموا بالخدمة الخارجة ولا يقوموا بالخدمة الداخلة كان وجها ، وأما من يقوم لها بالخدمة فالزوج بالخيار بين ثلاثة أمور : إما بأن يشتري خادما يقوم بخدمتها ، وإما بأن يكتري لها خادما ، وإما بأن يكون لها خادم ينفق عليه ، والخيار في هذه الثلاثة إليه دونها ؛ لأنه حقها في الخدمة ، فأما إن أراد الزوج أن يخدمها بنفسه ففيه وجهان : [ ص: 420 ] أحدهما : وهو قول أبي إسحاق المروزي وأبي علي بن أبي هريرة : له ذاك ؛ لاستغنائها بخدمته . والوجه الثاني : ليس له ذاك ؛ لأنها قد تحتشمه في الاستخدام فيلحقها تقصير ، فلو قالت أريد أن أخدم نفسي وآخذ أجرة خادمي لم يكن لها ذلك ، كالعامل في المضاربة له أن يستأجر للمال حمالا ونقالا ، فلو تكلف حمله بنفسه لم يكن له أن يأخذ أجرة حمله ، وكذلك لو تطوع إنسان بخدمتها سقطت خدمتها عن الزوج سواء تطوع بالخدمة عنها أو عن الزوج ، وإذا كان كذلك فلا يخلو حال الخادم من ثلاثة أحوال . أحدها : أن يكون مشترى ، فالمستحق على الزوج نفقته ، وزكاة فطره سواء كان ملكا لها أو للزوج . والوجه الثاني : أن يكون مكترى ، فعلى الزوج أجرته ولا تلزمه نفقته ، ولا زكاة فطره . والثالث : أن يكون متطوعا ، فلا يلزم الزوج أجرته ولا نفقته .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية