الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ القول في أدوات الزينة والنظافة للزوجة ] مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ويفرض لها في دهن ومشط أقل ما يكفيها ولا يكون ذلك لخادمها ؛ لأنه ليس بالمعروف لها ، وقيل في كل جمعة رطل لحم ، وذلك المعروف لمثلها " . قال الماوردي : قال تستحق في نفقتها على الزوج ما تحتاج إليه من الدهن لترجيل شعرها وتدهين جسدها اعتبارا بالعرف ، وإن من حقوقه عليها استعمال الزينة التي تدعوه إلى الاستمتاع بها ، وذلك معتبر بعرف بلادها ، فمنها ما يدهن أهله بالزيت كالشام فهو المستحق لها ، ومنها ما يدهن أهله بالشيرج كالعراق فهو المستحق لها ، ومنها ما لا يستعمل أمثالها فيه إلا ما طيب من الدهن بالبنفسج والورد ، فتستحق في دهنها ما كان مطيبا ، فأما مقداره فمعتبر بكفاية مثلها ، وأما وقته فهو كل أسبوع مرة ؛ لأنه العرف ، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ادهنوا يذهب البؤس عنكم ، والدهن في الأسبوع يذهب بالبؤس ، قال الشافعي : والمشط - يعني به آلة المشط - من الأفاويه والغسلة إذا كان ذلك من عرف بلادهم . فأما الكحل فما كان منه للزينة كالإثمد فهو على الزوج ؛ لأنه من حقوق الاستمتاع ، وما كان منه للدواء فهو على الزوجة كسائر الأدوية ، فإن قيل فهي للدواء أحوج منها إلى الدهن فكان بأن يجب على الزوج أحق ! قيل : لأن الدواء مستعمل لحفظ الجسد فكان عليها ، والدهن مستعمل للزينة فكان عليه ؛ لأن الزينة له وحفظ الجسد لها ، وجري الزوج مجرى المكرى لزمه بناء ما استهدم من الدار المكراة دون مكتريها ، [ ص: 429 ] فأما دخول الحمام فهو معتبر بالعرف ؛ فإن لم تجر عادة أهلها بدخول الحمام كالقرى لم يجب على الزوج ، وإن جرت به عادة أهلها كالأمصار كان أقل ما يلزمه لها في كل شهر مرة : لأن أكثر النساء يغتسلن به ويخرجن به من دم الحيض الذي يكون في كل شهر مرة في الغالب ، فأما الحناء والاختضاب به في اليدين والرجلين . فإن لم يطلبه الزوج لم يلزمه ولم يلزمها ، وإن طلبه الزوج وجب عليها فعله ووجب على الزوج نفقته ، روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لعن السلتاء والمرهاء والسلتاء : التي لا تختضب والمرهاء التي لا تكتحل ؛ تفعل ذلك إذا كرهت زوجها ليفارقها فلذلك لعنها . فأما الطيب فما كان منه مزيلا لسهوكة الجسد فهو مستحق على الزوج لها ، وما كان منه مستعملا للالتذاذ والاستمتاع برائحته فهو حق للزوج ولا يجب عليه ، فإن قام به لزمها استعماله وإن لم يقم به لم يستحق المطالبة به .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية