الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : والشرط الثالث : الإسلام في الولد المسلم ، فإن كان أحد أبويه كافرا سقطت كفالته بكفره ، وقال أبو سعيد الإصطخري : لا تبطل كفالته بكفره ، وحكاه ابن أبي هريرة عن أبي حنيفة استدلالا برواية عبد الحميد بن جعفر قال : أخبرني أبي عن رافع بن سنان : أنه أسلم وأبت امرأته أن تسلم ، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : ابنتي ، وقال رافع : ابنتي ، فقال صلى الله عليه وسلم لرافع : اقعد ناحية ، ولها : اقعدي ناحية ، وأقعد الصبية بينهما وقال : ادعواها ، فمالت إلى أمها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : اللهم اهدها ، فمالت إلى أبيها فأخذها .

                                                                                                                                            فدل على أن الكفر لا يسقط الكفالة .

                                                                                                                                            قالوا : ولأن الكافر متدين باعتقاده فكان مأمونا على ولده وهذا خطأ : لقول الله تعالى : ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا [ النساء : 141 ] ولقول النبي صلى الله عليه وسلم أنا بريء من كل مسلم مع مشرك ، ولأن افتراق الأديان يمنع من ثبوت الولاية كما يمنع منها على المال ، وفي النكاح ولاية لا يؤمن أن يفتنه عن دينه ، وربما ألف من كفرها ما يتعذر انتقاله عنه بعد بلوغه .

                                                                                                                                            فأما الاستدلال بالخبر ، فهو ضعيف عند أصحاب الحديث ، ولو صح لكان الجواب عنه من ثلاثة أوجه :

                                                                                                                                            أحدها : أن المقصود به ظهور المعجزة باستجابة دعوته .

                                                                                                                                            والثاني : أنها كانت فطيما ، والفطيم لا يخير .

                                                                                                                                            والثالث : أنه دعا بهدايتها إلى مستحق كفالتها لا إلى الإسلام لثبوت إسلامها بإسلام أبيها فلو كان للأم حق لأقرها عليه ، ولما دعا بهدايتها إلى مستحقها .

                                                                                                                                            وقولهم : إن الكافر مأمون على ولده .

                                                                                                                                            قيل : هو وإن كان مأمونا على بدنه فغير مأمون على دينه ، وحظه في الدين أقوى ، فلو أسلم الكافر منهما عاد إلى كفالته ، ولو ارتد المسلم سقطت كفالته .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية