( المسألة ) السادسة : يدخل في الوصية للفقراء المساكين  ، فيجوز الصرف إلى هؤلاء وإلى هؤلاء ، وكذلك يدخل في الوصية للمساكين الفقراء ، ويجوز الصرف إلى الصنفين ; لأن كل واحد من الاسمين يقع على الفريقين عند الانفراد . 
وفي قول : ما أوصى به للفقراء ، لا يصرف إلى المساكين ، ويجوز عكسه ، رواه  عصام بن يوسف  عن   الشافعي  رضي الله عنه ، والمشهور الأول . 
ولو جمع بينهما ، فأوصى للفقراء والمساكين ، وجب الجمع بينهما ، كما في الزكاة . 
ولو أوصى لسبيل الله  ، أو قال : ضعوا ثلثي في سبيل الله ، فهو للغزاة المساكين المستحقين للزكاة . 
ولو أوصى للرقاب  ، أو قال : ضعوا ثلثي في الرقاب ، فللمكاتبين . 
فإن دفع إلى مكاتب ، فعاد إلى الرق ، والمال باق في [ يده أو في ] يد سيده ، استرد . 
ولو أوصى للغارمين أو لابن السبيل  ، فلمن تصرف إليه الزكاة منهم . 
وبالجملة فالحكم في هذه المسائل كما في الزكاة ، أخذا بعرف الشرع فيها . 
حتى إذا أوصى للفقراء والمساكين ، جعل المال بين الصنفين نصفين . 
ولا يجعل على عدد رؤوسهم ، بخلاف ما إذا أوصى لبني زيد ، وبني عمرو . 
ولا يجب أيضا الاستيعاب ، بل يكفي الصرف إلى الثلاثة من كل صنف . 
ولا تجب التسوية بين الثلاثة . 
ولو دفع إلى اثنين ، غرم ، إما الثلث ، وإما أقل ما يتمول كما سبق في " قسم الصدقات " . 
ثم ليس له دفع ما يغرمه إلى ثالث ، بل يسلمه إلى القاضي ليدفعه بنفسه ، أو يرده إليه ويأتمنه بالدفع . 
 [ ص: 171 ] فرع : الوصية للعلماء وسائر الموصوفين  ، كالوصية لأصناف الزكاة في أنه لا يجب الاستيعاب ، ويقتصر على ثلاثة ، والأفضل استيعاب الموجودين عند الإمكان . 
كما في الزكاة . 
فرع   : لو أوصى لفقراء بلد بعينه ، وهم عدد محصورون ، اشترط استيعابهم والتسوية بينهم ؛ لتعينهم . 
بل يشترط القبول في هذه الوصية ، بخلاف الوصية لمطلق الفقراء . 
ذكره صاحب التهذيب وغيره . 
وفي جواز نقل ما أوصى به للفقراء أو المساكين من بلد إلى بلد ، خلاف سبق في قسم الصدقات ، والمذهب الجواز . 
فإذا قلنا : لا يجوز ، وجب أن يكون قوله : أوصيت للفقراء - وفقراء البلد محصورون - كقوله : أوصيت لفقراء هذه البلدة - وهم محصورون - ، ويدل عليه أن الأستاذ  أبا منصور  ذكر في الوصية للغارمين ، أنه يعطى لثلاثة منهم إن كانوا غير محصورين ، فإن كانوا محصورين ، استوعبوا . 
فإن اقتصر الوصي على ثلاثة ، فهل يجزئه ، أم يضمن حصة الباقين ؟ فيه جوابان . 
فإن قلنا بالثاني ، فالحساب على قدر ديونهم ، أم على رؤوسهم ؟ وجهان . 
قلت : الصحيح المعتمد ما قاله الأصحاب ، وهو ما سبق . 
والله أعلم . 
 [ ص: 172 ] فرع   : لو أوصى لثلاثة معينين ، وجب التسوية بينهم ، بخلاف الثلاثة المصروف إليهم من الفقراء وسائر الأصناف ، لأنا عرفنا ذلك من معهود الشرع في الزكاة ، والاستحقاق هنا مضاف إلى أعيانهم . 
فرع [ لو ] أوصى لسبيل البر ، أو الخير ، أو الثواب ، فعلى ما ذكرناه في الوقف . 
فرع   : لو قال : ضع ثلثي حيث رأيت ، أو فيما أراك الله ، ليس له وضعه في نفسه ، كما لو قال : بع ، لا يبيع لنفسه . 
والأولى صرفه إلى أقارب الموصي الذين لا يرثونه ، ثم إلى محارمه من الرضاع ، ثم إلى جيرانه . 
				
						
						
