الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        في الإخوة والأخوات

                                                                                                                                                                        أما الإخوة والأخوات من الأبوين إذا انفردوا ، فكأولاد الصلب للذكر جميع المال ، وكذا للجماعة ، وللأخت الفردة النصف ، وللأختين فصاعدا الثلثان ، فإن اجتمع الإخوة والأخوات ، فللذكر مثل حظ الأنثيين بنص القرآن .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        الإخوة والأخوات للأب عند انفرادهم كالإخوة والأخوات للأبوين إلا في المشركة ، وهي زوج ، وأم وأخوان لأم ، وأخوان للأبوين ، فللزوج النصف ، وللأم السدس ، وللأخوين للأم الثلث يشاركهم فيه الأخوان للأبوين . هذا هو المشهور والمذهب ، وبه قطع الأصحاب . وحكى أبو بكر بن لال من أصحابنا في المسألة قولين . ثانيهما : سقوط الأخوين للأبوين بحسب اختلاف الرواية عن زيد - رضي الله عنه - ، [ ص: 15 ] والرواية عن زيد - رضي الله عنه - مختلفة كما ذكر ، لكن لم أجد لغيره نقل قول للشافعي - رضي الله عنه - ، لكن ذهب ابن اللبان وأبو منصور البغدادي إلى الإسقاط ، فعلى المذهب : للتشريك أربعة أركان . أن يكون في المسألة زوج ، وأم أو جدة ، واثنان فصاعدا من ولد الأم ، وأن يكون من أولاد الأبوين ذكر ، إما وحده ، وإما مع ذكور أو إناث ، أو كليهما ، فإن لم يكن من الأبوين ذكر ، بل كان مع الأركان الثلاثة أخت أو أختان للأبوين أو للأب ، فلا تشريك ، بل يفرض للواحد النصف ، وللاثنين فصاعدا الثلثان ، وتعال المسألة . ولو كان ولد الأم واحدا فله السدس ، والباقي للعصبة من أولاد الأبوين ، أو الأب ، ولو كان بدل أولاد الأبوين إخوة أب سقطوا بالاتفاق ؛ لأنه ليس لهم قرابة أم فيشاركون أولاد الأم ، فافترق الصنفان في هذه المسألة . وإذا شركنا في الثلث بين أولاد الأم وأولاد الأبوين تقاسموه سواء ذكرهم كأنثاهم ؛ لأنهم يأخذونه بقرابة الأم .

                                                                                                                                                                        قلت : قد ذكرنا أنه لو عدم في المشركة ولد الأبوين ، وكان هناك أخت للأب ، فلها النصف فرضا . فلو كان معها أخوها لأب أيضا ، سقط وأسقطها ؛ لأنه لا يفرض لها معه ، فلا تشريك . - والله أعلم - .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        لو اجتمع أولاد الأبوين وأولاد الأب ، فهو كاجتماع أولاد الصلب وأولاد الابن ، فأولاد الأبوين كأولاد الصلب ، وأولاد الأب كأولاد الابن . فإن كان في أولاد الأبوين ذكر ، حجب أولاد الأب ، وإلا فإن كانت أنثى فقط ، فلها النصف والباقي لأولاد الأب إن كانوا ذكورا ، أو ذكورا وإناثا . وإن تمحضن إناثا ، أو أنثى فقط ، [ ص: 16 ] فلهن أو لها السدس تكملة الثلثين . وإن كان من أولاد الأبوين ثنتان فأكثر فلهما الثلثان ، ولا شيء لأولاد الأب إلا أن يكون فيهن ذكر ، فيعصب الإناث . ولا يعصب الأخت إلا من في درجتها بخلاف بنت الابن ، فإنه يعصبها من هو أسفل منها . فلو خلف أختين لأبوين ، وأختا لأب وابن أخت لأب ، فللأختين الثلثان ، والباقي لابن الأخ ، وتسقط الأخت للأب .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        الإخوة والأخوات للأم ، لواحدهم السدس ذكرا كان أو أنثى ، وللاثنين فصاعدا الثلث يقسم بين ذكورهم وإناثهم بالسوية .

                                                                                                                                                                        قلت : أولاد الأم يخالفون غيرهم في خمسة أشياء ، فيرثون مع من يدلون به ، ويرث ذكرهم المنفرد كأنثاهم المنفردة ، ويتقاسمون بالسوية . والرابع : أن ذكرهم يدلي بأنثى ، ويرث . والخامس : يحجبون من يدلون به ، وليس لهم نظير . - والله أعلم - .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        بنو الإخوة من الأبوين أو الأب ينزل كل واحد منهم منزلة أبيه في حالتي الانفراد والاجتماع فيستغرق الواحد [ والجماعة ] للمال عند الانفراد ، وما فضل عن أصحاب الفروض وعند الاجتماع يسقط ابن الأخ للأب ، لكنهم يخالفون الإخوة في أمور :

                                                                                                                                                                        [ ص: 17 ] أحدها : أن الإخوة يردون الأم من الثلث إلى السدس ، وبنوهم لا يردونها .

                                                                                                                                                                        الثاني : أن الإخوة للأبوين وللأب يقاسمون الجد ، وبنوهم يسقطون به .

                                                                                                                                                                        الثالث : لو كان بنو الإخوة للأبوين بدل آبائهم في المشركة سقطوا .

                                                                                                                                                                        الرابع : الإخوة للأبوين وللأب يعصبون أخواتهم ، وبنوهم لا يعصبون أخواتهم .

                                                                                                                                                                        قلت : ويخالفونهم في ثلاثة أشياء أخر :

                                                                                                                                                                        أحدها : الإخوة للأبوين ، يحجبون الإخوة للأب ، وأولادهم لا يحجبونهم . والثاني : الأخ من الأب يحجب بني الأخ من الأبوين ، ولا يحجبهم ابنه . الثالث : بنو الإخوة لا يرثون مع الأخوات إذا كن عصبات مع البنات . - والله أعلم - .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية