كتاب الوديعة ( قال ) الشيخ الإمام الأجل الزاهد شمس الأئمة أبو بكر محمد بن أبي سهل السرخسي - رحمه الله تعالى ، إملاء - ; لأنه تصرف من المالك في ملكه ، وقد يحتاج إليه عند إرادة السفر ، والحاج يحتاج إلى إيداع بعض ماله في كل موضع ; لينتفع به إذا رجع ، والمودع مندوب [ ص: 109 ] إلى القبول - شرعا - ; لما فيه من الإعانة على البر . قال الله - تعالى - { : الإيداع عقد جائز : وتعاونوا على البر والتقوى } . وقال - صلى الله عليه وسلم - { } . وبعد القبول ، عليه أداء ما التزم - وهو الحفظ - حتى يؤديها إلى صاحبها ; لقوله تعالى { : إن الله - تعالى - في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه : إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها } . وقد قيل في سبب النزول : إن المراد رد مفتاح الكعبة على عثمان بن أبي طلحة ; لأنه حين أتاه به قال : خذه بأمانة الله - تعالى - ولكن ظاهر الآية يتناول كل أمانة . قال - صلى الله عليه وسلم - { } . وقال - صلى الله عليه وسلم - { : من ائتمن أمانة فليؤدها } . وقال - صلى الله عليه وسلم - : { : أد الأمانة إلى من ائتمنك ، ولا تخن من خانك } على الموحد أن يحترز عما هو من علامة المنافق ، وذلك بأن يحفظ الوديعة على الوجه الذي يحفظ به مال نفسه ; فيضعها في بيته ، أو صندوقه ; لأنه وعد لصاحبها ذلك ، وخلف الوعد مذموم ، وإذا ترك الحفظ بعد غيبة صاحبها : ففيه ترك الوفاء بما التزم ، والغرور في حق صاحبها ، وذلك حرام . علامة المنافق ثلاث : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا ائتمن خان .