الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( فإن ) كان أخذ بعض الوديعة لينفقه في حاجته ، ثم بدا له ، فرده إلى موضعه ، ثم ضاعت الوديعة : فلا ضمان عليه ; لأن رفعه حفظ ، فلا يكون موجبا للضمان عليه . بقي مجرد نية الإنفاق في حاجته ، وبمجرد النية لا يصير ضامنا ، كما لو نوى أن يغصب مال إنسان ; وهذا لقوله - صلى الله عليه وسلم - { : إن الله - تعالى - تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسهم ما لم يعملوا ، أو يتكلموا } . والعراقيون يقولون : كاد ولما . أي : كاد يعصي فعصم ، والمعصوم لا يعاقب بعقوبة من عصى ، ولئن صار ضامنا بالرفع فقد عاد إلى الوفاق برد العين إلى مكانه ، وذلك يبرئه عن الضمان " عندنا " - على ما نبينه - بخلاف [ ص: 113 ] ما سبق ; لأن هناك إنما جاء بملك نفسه ، فوضعه مكان ما أنفق ، ولهذا لا يكون عودا إلى الوفاق فيما خالف فيه ، وهنا إنما جاء الوديعة بعينها ، فتحقق عوده إلى الوفاق ، وهذا أولى الوجهين " عندي " ; فإنه لو باعها ثم ضمن قيمتها ، نفذ البيع من جهته ، وإنما يستند ملكه بالضمان إلى وقت وجوب الضمان ، فلو لم يكن الرفع للبيع موجبا للضمان عليه قبل البيع والتسليم ، لم يستند ملكه إلى تلك الحالة ، فينبغي أن لا ينفذ بيعه ، والرواية محفوظة في هذا الكتاب . وفي المضاربة أن البيع نافذ ، فعرفنا أن الأوجه هو الطريق الثاني .

التالي السابق


الخدمات العلمية