الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
قال : ( إذا أرسل كلبه أو بازيه على صيد فأخذ ذلك الصيد أو أخذ غيره أو أخذ عددا من الصيود فهو كله حلال ما دام على وجه الإرسال ) ; لأن الإرسال قد صح من المسلم موجبا للعمل فما نأخذه من وجه إرساله ، وهو ممسك له على صاحبه يحل ، وتعيين الصيد في الإرسال ليس بشرط إلا على قول مالك رضي الله تعالى عنه ، فإنه يقول : التعيين شرط حتى إذا ترك التعيين فهو كترك الإرسال ، وعن ابن أبي ليلى رحمه الله تعالى قال : التعيين ليس بشرط ، ولكن إذا عين اعتبر تعيينه حتى إذا ترك ذلك وأخذ غيره [ ص: 241 ] لا يحل ، ولكنا نقول : الشرط ما في وسعه اتخاذه وهو الإرسال ، فأما التعيين ليس في وسعه ; لأنه لا يمكنه أن يعلم البازي ، والكلب على وجه لا يأخذ إلا ما يعينه ، ولأن التعيين غير مفيد في حقه ولا في حق الكلب ، فإن الصيود كلها فيما يرجع إلى مقصوده سواء ، وكذلك في حق الكلب فقصده إلى أخذ كل صيد يتمكن من أخذه ، وعلامة علمه إمساكه على صاحبه بترك الأكل ، وما ليس بمفيد لا يعتبر شرعا فسواء أخذ ذلك الصيد أو غيره حل . قال : ( فإن قتل واحدا وجثم عليه طويلا ثم مر به صيد آخر فأخذه لم يؤكل ) ; لأن فور الإرسال قد انقطع حين جثم على الأول طويلا فقد انعدم إرسال صاحبه في حق الصيد الثاني ، وهو شرط في الحل . ( فإن قيل : ) كيف يكون فعله ناسخا لإرسال صاحبه . ؟ ( قلنا : ) إنما جثم على ذلك الصيد بناء على إرسال صاحبه ليأتيه فيأخذه منه فذلك بمنزلة فعل صاحبه ، ولو منعه انقطع به حكم الإرسال مع أن فعل العجماء معتبر في نسخ حكم فعل الآدمي به ، كمن أرسل دابة في الطريق فتركت سنن الإرسال ، وذهب يمنة أو يسرة فأتلفت مالا لم يجب الضمان على المرسل ، بخلاف ما لو ذهبت على سنن الإرسال .

التالي السابق


الخدمات العلمية