( فصل ) في التفويض
وهو لغة : رد الأمر للغير وشرعا : إما وإما تفويض مهر كزوجني بما شئت أو شاء فلان ، والمراد هنا هو الأول ، وتسمى مفوضة بالكسر وهو واضح وبالفتح تفويض بضع وهو إخلاء النكاح عن المهر
[ ص: 347 ] وهو أفصح لأن الولي فوض أمرها إلى زوجها : أي جعل له دخلا في إيجابه بفرضه الآتي .
وكان قياسه وإلى الحاكم لكن لما كان كنائبه لم يحتج إلى ذكره إذا
( قالت رشيدة ) بكر أو ثيب أو سفيهة مهملة كما علم من كلامه في الحجر لوليها
( زوجني بلا مهر ) أو على أن لا مهر لي
( فزوج ونفى المهر أو سكت ) عنه أو زوج بدون مهر المثل أو بغير نقد البلد أو بمؤجل
( فهو تفويض صحيح ) كما علم من حده وسيأتي حكمه .
وخرج بقوله بلا مهر ما لو قالت زوجني فقط فلا يكون تفويضا لأن إذنها محمول على مقتضى الشرع والعرف من المصلحة لاستحيائها من ذكر المهر غالبا وبنفي المهر إلى آخره ما لو أنكحها بمهر المثل حالا من نقد البلد فإنه يصح بالمسمى أو بغير نقد البلد أو بدون مهر المثل لغت التسمية ولم يجب شيء وصار كما لو سكت عن المهر ، ومحل اقتضاء التسمية الفاسدة مهر المثل بالعقد في غير التفويض ، ولو وإن جرى وطء فهو تفويض صحيح كما جزم به في الأنوار وانتصر له قالت زوجني بلا مهر حالا ولا مآلا الزركشي لا فاسد وإن قال به وصاحبا المهذب والبيان وغيرهم كما في سائر الشروط الفاسدة ، وقال أبو إسحاق الأذرعي : إنه الذي يقتضيه إيراد جمهور العراقيين كما قاله بعض الأئمة فهو المذهب
( وكذا لو ) إذ هو المستحق كالرشيدة وكذا لو سكت ، وظاهر أنه لو قال سيد أمة زوجتكها بلا مهر لا يكون تفويضا لأن الوكيل يلزمه الحظ لموكله فينعقد بمهر المثل نظير ما مر في ولي أذنت له وسكتت ، والمكاتبة كتابة صحيحة مع سيدها كحرة كما بحثه أذن لآخر في تزويج أمته وسكت عن المهر فزوجها الوكيل وسكت الأذرعي ، ولا ينافيه ما يأتي من أن التفويض تبرع ، وهي لا تستقل به إلا بإذن السيد لأن تعاطيه لذلك متضمن للإذن لها فيه ، ولو فمفوضة لأنه أبلغ في التفويض زوجها على أن لا مهر ولا نفقة لها أو على أن لا مهر لها وتعطي زوجها ألفا وقد أذنت بذلك
( ولا يصح تفويضه غير رشيدة ) كغير مكلفة وسفيهة محجور عليها لأنها غير أهل
[ ص: 348 ] للتبرع .
أما إذنها في النكاح المشتمل على التفويض فصحيح .
( وإذا جرى تفويض صحيح فالأظهر أنه لا يجب شيء بنفس العقد ) وإلا لتشطر بطلاق قبل وطء ، وقد دل القرآن على أنها لا تستحق غير المتعة .
واعترض قوله شيء بأنه أوجب شيئا هو أحد أمرين المهر أو ما يتراضيان به وذلك يتعين بتراضيهما أو بالوطء أو بالموت ، ويرد بما يأتي من إشكال الإمام وأنه لو لم يجب شرط فعلم أنه لم يجب شيء من المال أصلا بنفس العقد ، وأما لزوم المال بطارئ فرض أو وطء أو موت فوجوب مبتدأ وإن كان العقد هو الأصل فيه . طلق قبل فرض ووطء