الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " ولو أذن لها في زيارة أو نزهة فعليها أن ترجع ؛ لأن الزيارة ليست مقاما " . قال الماوردي : اختلف أصحابنا في تأويل هذه المسألة على أربعة أوجه : أحدها : وهو تأويل أبي إسحاق المروزي أنها صورة في الإذن لها بالزيارة والنزهة في بلدها ، ولم يرد الزيارة والنزهة في غير بلدها إذا مات أو طلقها بعد خروجها للزيارة والنزهة أن تعود إلى منزله فتعتد فيه ولا تقم على زيارتها ونزهتها بخلاف إذنه لها في الانتقال من دار إلى أخرى ، ولو مات أو طلق قبل خروجها للزيارة [ ص: 264 ] والنزهة لم يكن لها الخروج ، وأقامت في منزله للعدة ، ولو كان ذلك في غير البلد لكان حكمه كحكم غيره من السفر . والوجه الثاني : وهو تأويل من جعل استقرار سفرها بمسافة يوم وليلة أنها مصورة في زيارة أو نزهة على أقل من يوم وليلة ، فعليها إذا مات أو طلق بعد خروجها وقبل وصولها أن تعود ، ولو كان بعد يوم وليلة لم يلزمها العود . والوجه الثالث : وهو تأويل أبي حامد الإسفراييني وإليه أذهب أنها مصورة في الزيارة والنزهة في بلد آخر ، فإذا مات أو طلق بعد وصولها أو في طريقها فعليها بعد الوصول أن تعود لوقتها لحصول الزيارة والنزهة عند الوصول فلا تقيم إلا مقام المسافر ، ولا يجعل للزيارة والنزهة حدا زائدا على مقام المسافر ، فيكون هذا هو المقصود بالمسألة . والوجه الرابع : وهو تأويل أبي علي بن أبي هريرة أنها مصورة في الزيارة والنزهة في بلد آخر ، فإذا مات أو طلق بعد استقرار سفرها وقبل وصولها لزمها العود ولو كان السفر غير زيارة أو نزهة لم يلزمها العود ولعل فرقة بينهما ظهور الحاجة في الأسفار وعدمها في الزيارة والنزهة ، وهذا تفريق لا أجد له في التحقيق وجها .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية