الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        [ ص: 153 ] فرع : نتاج باقي الحيوان يقاس بما ذكرناه في الجارية ، ويرجع في مدة حملها إلى أهل الخبرة ، فإنها تختلف .

                                                                                                                                                                        فرع : قال أبو الفرج الزاز : حيث حكمنا بمصير الجارية أم ولد ، هل تعتبر حقيقة الإصابة من يوم الملك ، أم يكفي إمكان الإصابة ؟ وجهان .

                                                                                                                                                                        والثاني هو مقتضى كلام الجمهور .

                                                                                                                                                                        قال : وحيث بقينا الولد على ملك الوارث ، فالمعتبر من الثلث قيمة الجارية وحدها .

                                                                                                                                                                        وإذا لم نبقه ، فالمعتبر من الثلث ما كان يوم موت الموصي موجودا .

                                                                                                                                                                        فإن كانت حائلا ، اعتبر قيمتها وحدها .

                                                                                                                                                                        وإن كانت حاملا ، فقيمتها مع قيمة الحمل ، وحينئذ فالنظر إلى قيمتها حاملا يوم موت الموصي عند جماهير الأصحاب .

                                                                                                                                                                        وقال ابن سريج : تعتبر قيمتها يومئذ لو كانت حائلا ، وتعتبر قيمة الحمل في أول حال الانفصال .

                                                                                                                                                                        وإذا قومناهما فخرجا من الثلث ، فذاك ، وإلا ، فلا يقرع ، بل تنفذ الوصية في القدر الذي يحتمله الثلث منهما على نسبة واحدة .

                                                                                                                                                                        فرع : نقل المزني في " المختصر " : أنه لو أوصى بأمة لزوجها ، فلم يعلم حتى وضعت له بعد موت سيدها أولادا .

                                                                                                                                                                        فإن قبل عتقوا ولم تكن أمهم أم ولد حتى تلد منه بعد قبوله بستة أشهر .

                                                                                                                                                                        وفيه إشكال من وجهين .

                                                                                                                                                                        [ ص: 154 ] أحدهما : " أنه " لم اعتبر عدم الحمل بالوصية ؟ وهل يفترق الحال بين العلم وعدمه ؟ والثاني : أنه حكم بحرية الأولاد ، وأنها لا تصير أم ولد .

                                                                                                                                                                        فإن فرع على حصول الملك بالموت ، أو على الوقف ، فلم اعتبر مضي الأشهر في مصيرها أم ولد ؟ وإن فرع على الملك بالقبول ، فلم حكم بحرية الأولاد في الحال ؟ ! أما الأول ، فعن الخضري ما يقتضي الفرق بين العلم وعدمه ، واحتج بأن الشافعي رضي الله عنه قال : لو وطئ أمة غيره يظن أنها زوجته الحرة ، فالولد حر ، ولو ظنها زوجته الرقيقة ، فالولد رقيق .

                                                                                                                                                                        والصحيح : أنه لا فرق في ثبوت أمية الولد في أميه بين علمه وعدمه ، حتى لو وطئ أمته يظنها أمة غيره ، أو حرة فأحبلها ، ثبتت أمية الولد .

                                                                                                                                                                        فإذا قوله : " ولم يعلم " ليس بقيد ، بل خرج على الغالب ، فإن الغالب أن الوصية لا تبقى مدة طويلة ، لا مقبولة ، ولا مردودة ، إلا إذا لم يعلم الموصى له ؛ لغيبته أو نحوها .

                                                                                                                                                                        وأما الثاني : فقيل : هو تخليط من المزني .

                                                                                                                                                                        فقوله : " عتقوا " ، تفريع على حصول الملك بالموت .

                                                                                                                                                                        وقوله : " ولا تصير أم ولد " ، تفريع على حصوله [ بالقبول ] .

                                                                                                                                                                        وقال الأكثرون : بل هو تفريع على قول الوقف .

                                                                                                                                                                        وأراد بالقبول ، في قوله : " بعد قبوله " الموت ، فسماه قبولا ; لأنه وقت القبول .

                                                                                                                                                                        وقال بعضهم : لفظ الشافعي الموت لكن المزني سها فيه .

                                                                                                                                                                        ولو كانت الجارية الموصى بها زوجة الموصى له ، ومات الموصى له قبل القبول والرد ، فقد سبق أن ورثته يقومون مقامه في الرد والقبول ، فإن قبلوا ، فعلى الخلاف في أن الملك متى يحصل ؟ إن قلنا : بالموت ، أو موقوف ، فقبولهم كقبول الموصى له في عتق الأولاد بالملك ، وفي انعقادهم على الحرية ومصير الجارية أم ولد وفي بقائهم مماليك لورثة الموصي ، على اختلاف الأحوال السابقة بلا فرق ، إلا أنهم إذا عتقوا بقبول الموصى له ، ورثوه .

                                                                                                                                                                        وإذا عتقوا بقبول الورثة ، لم يرثوا كما سبق .

                                                                                                                                                                        وإن قلنا : يملك بالقبول .

                                                                                                                                                                        فإن كان بين [ ص: 155 ] الوارث والأولاد قرابة تقتضي العتق ، بأن كان وارث الموصى له أباه ، عتقوا عليه ، وإلا ، ففيه الوجهان السابقان ، وإذا لم يحصل العتق ، فهل تقضى ديون الموصى له منها ؟ أم تسلم للورثة ؟ فيه الوجهان السابقان أيضا ، وبالله التوفيق .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية