الباب الرابع في الاستثناء
الاستثناء صحيح معهود ، وفي القرآن والسنة موجود ، فإذا قال : أنت طالق ثلاثا إلا اثنتين ، طلقت طلقة . ويشترط لصحته شيئان ، أحدهما : أن ، فإن انفصل ، فهو لغو ، وسكتة التنفس والعي لا تمنع الاتصال . قال الإمام : والاتصال المشروط هنا أبلغ مما يشترط بين الإيجاب والقبول ، لأنه يحتمل بين كلام الشخصين ما لا يحتمل بين كلام شخص واحد ، ولذلك لا ينقطع الإيجاب والقبول بتخلل كلام يسير على الأصح ، وينقطع الاستثناء بذلك على الصحيح . وهل يشترط يكون متصلا باللفظ ؟ وجهان . أحدهما : لا ، بل لو بدا له الاستثناء بعد تمام المستثنى منه فاستثنى ، حكم بصحة الاستثناء ، وحكى الشيخ اقتران الاستثناء بأول اللفظ أبو محمد هذا الوجه عن الأستاذ أبي إسحاق ، وأصحهما وادعى أبو بكر الفارسي الإجماع عليه : أنه لا يعمل بالاستثناء حتى يتصل بأول الكلام .
قلت : الأصح ، وجه ثالث ، وهو صحة الاستثناء بشرط وجود النية قبل فراغ اليمين وإن لم يقارن أولها . والله أعلم .
[ ص: 92 ] ثم ما ذكرناه من اتصال اللفظ واقتران القصد بأول الكلام ، يجري في الاستثناء ب " إلا " وأخواتها ، وفي التعليق بمشيئة الله تعالى ، وفي سائر التعليقات ، فإن استغرق ، فهو باطل ويقع الجميع . الشرط الثاني ، أن لا يكون الاستثناء مستغرقا
فصل
الاستثناء ضربان . أحدهما : استثناء ب " إلا " وأخواتها ، والثاني : تعليق الطلاق والعتاق ، وغيرهما بمشيئة الله تعالى ، قال الإمام : ولا يبعد عن اللغة تسمية كل تعليق استثناء ، لأن قول القائل : أنت طالق ، يقتضي وقوع الطلاق بغير قيد ، فإذا علقه بشرط ، فقد ثناه عن مقتضى إطلاقه ، كما أن قوله : أنت طالق ثلاثا إلا طلقة ، يثني اللفظ عن مقتضاه ، إلا أنه اشتهر في عرف أهل الشرع تسمية التعليق بمشيئة الله تعالى خاصة استثناء .