الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو صالح من دين ) مدعى به يجوز الاعتياض عنه لا كمثمن ودين سلم ( على عين ) أراد بها هنا ما يقابل المنفعة الشامل للعين والدين بدليل تقسيمه المصالح عليه إلى عين ودين فتغليظ وزعم أنه مصحف وأن الصواب على غيره هو الغلط ؛ إذ غاية الأمر أنه استعمل العين في الأمرين تارة وفي مقابل الدين أخرى وأن ذلك مجاز عرفي دل عليه ما ذكره بعده من تقسيم المصالح عليه إلى عين ودين ومثل ذلك يقع في عباراتهم كثيرا فلا غلط فيه ولا تصحيف فإن قلت ما وجه المقابلة بالمنفعة مع الصحة فيها أيضا كما علم مما مر [ ص: 191 ] قلت ؛ لأنه لا يتأتى فيها التفريع الذي قصده من التوافق في علة الربا تارة وعدمها أخرى ( صح ) بلفظ بيع أو صلح كما يجوز بيع الدين بالعين ( فإن توافقا في علة الربا ) كالصلح عن ذهب بفضة ( اشترط قبض العوض في المجلس ) حذرا من الربا فإن تفرقا حسا أو حكما قبل قبضه بطل الصلح ولا يشترط تعيينه في العقد ( وإلا ) يتوافقا فيه كهو عن ذهب ببر ( فإن كان العوض عينا لم يشترط قبضه في المجلس في الأصح ) كما لو باع ثوبا بدراهم في الذمة لا يشترط قبض الثوب في المجلس ( أو ) كان العوض ( دينا ) ثبت بالصلح كصالحتك عن دراهمي عليك بصاع بر في ذمتك ( اشترط تعينه في المجلس ) ليخرج عن بيع الدين بالدين ( وفي قبضه ) في المجلس ( الوجهان ) أصحهما عدم الاشتراط وهذا كله علم مما قدمه في الاستبدال عن الثمن ولو صالح من دين على منفعة صح كما مر وتقبض هي بقبض محلها .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله دل عليه ما ذكره بعده ) أي : فهو مجاز مع قرينته ولا نزاع في جوازه ( قوله مع الصحة فيها أيضا ) قد يجاب بأن التقييد بالعين للغالب من وقوع [ ص: 191 ] الصلح على غير المنفعة ( قوله قلت ؛ لأنه لا يتأتى إلخ ) أقول لا يخفى ما فيه فإنه إن أراد أن التفريع من التوافق وعدمه مفروض في عين واحدة لم يصح إذ العين الواحدة منحصرة في الواقع في أحد القسمين التوافق أو عدمه ولا يجتمعان فيها أو في جنس العين فلا مانع من إدخال المنفعة ؛ لأنه يثبت فيها أحد القسمين فتأمله فإنه ظاهر .

                                                                                                                              ( قول المصنف قبض العوض ) أي : عينا ودينا ( قوله أو حكما ) لعل صورته أن يلزما العقد قبل القبض ( قوله كهو عن ذهب ) فيه تعليق الظرف بضمير المصدر ( قول المصنف عينا ) أي : ليس دينا ( قوله ثبت ) صفة دينا ( قوله فإن كانا ربويين اشترط ) كذا ذكره الشارح المحقق المحلي ولقائل أن يقول لا موقع له هنا ؛ لأنه تقدم في قوله فإن توافقا في علة الربا إلخ وما هنا لا يحتمله حتى يصح ذكره فيه ؛ لأن الكلام هنا في بيان أقسام ما لم يتوافقا في علة الربا فلا يندرج فيها ما توافقا فيها ويجاب بأن ظاهر صنيع المحقق أنه حمل العين في قول المصنف على عين على ظاهرها وهو ما يقابل الدين وحينئذ فقوله فإن توافقا في علة الربا إلخ خاص بما إذا كان الصلح على العين بمعنى مقابل الدين وعلى هذا فالتفصيل بين التوافق في علة الربا فيشترط قبض العوض في المجلس وعدمه فلا يشترط لم يقع التعرض له في كلام المصنف إلا بالنسبة لما إذا كان الصلح على العين بمعنى مقابل الدين وأما إذا كان على الدين فلم يتعرض لحكمه إلا بالنسبة لعدم التوافق وسكت بالنسبة له عن قسم التوافق فاحتاج المحقق إلى ذكره .

                                                                                                                              وأما الشارح فقد حمل العين في قول المصنف على عين على ما يشمل الدين فيشكل عليه ذكر هذا القسم هنا لدخوله في قول المصنف فإن توافقا في علة الربا إلخ فإن قلت كيف يصبح صنيع المحقق مع تقسيم المصنف المصالح عليه إلى عين ودين قلت غاية ما يلزم عليه التسمح في قول المصنف وإلا لحمله حينئذ على نفي التوافق السابق لكن مع قطع النظر عن كون المصالح عليه العين وتعميمه إلى الدين بقرينة التقسيم المذكور ولهذا فسر قول المصنف وإلا بقوله أي : وإن لم يتوافق المصالح منه الدين والمصالح عليه في علة الربا ا هـ .

                                                                                                                              فأطلق المصالح عليه ولم يقيده بالعين كما هو ظاهر العبارة فليتأمل .

                                                                                                                              ( قوله على منفعة ) يمكن أن يقال إن كانت منفعة عين بعين لم يشترط القبض في المجلس أو منفعة عين في الذمة اشترط التعيين دون القبض ( قوله كما مر ) تنظر هذه الحوالة ويمكن أن تكون بالنظر لما علم من السؤال السابق .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله لا كمثمن ) كأنه المبيع في الذمة بلفظ البيع حتى يحسن عطف قوله ودين إلخ اللهم إلا أن يكون عطف تفسير ا هـ سيد عمر عبارة النهاية والمغني أما ما لا يصح الاعتياض عنه كدين السلم فإنه لا يصح ا هـ .

                                                                                                                              قال ع ش قوله كدين السلم أي : وكالمبيع في الذمة حيث عقد عليه بلفظ البيع وكنجوم الكتابة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله على عين ) عبارة النهاية والمغني على غيره عين أو دين ولو منفعة كما قاله الإسنوي صح لعموم الأدلة سواء أعقد بلفظ البيع أم الصلح أم الإجارة وعلم مما تقرر صحة عبارة المصنف ا هـ قال ع ش قوله مما تقرر هو قوله على غيره ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله الشامل ) أي : ما يقابل المنفعة ( قوله بدليل إلخ ) متعلق بقوله أراد إلخ ( قوله تقسيمه إلخ ) أي : بقوله الآتي فإن كان العوض عينا إلخ ( قوله إلى معين ) الأولى عين .

                                                                                                                              ( قوله وزعم إلخ ) عطف تفسير لتغليطه ( قوله وأن الصواب على غيره ) أي ليشمل الدين ( قوله هو الغلط ) خبر فتغليطه ( قوله أنه استعمل ) أي المصنف ( في الأمرين ) أي : العين والدين أي : فيما يشملهما ( تارة ) أي : هنا وقوله ( أخرى ) أي : في التقسيم الآتي .

                                                                                                                              ( قوله وأن ذلك ) عطف على قوله أنه استعمل إلخ والمشار إليه استعمال العين في الأمرين ( قوله مجاز إلخ ) أي : بذكر الخاص وإرادة العام ( قوله دل عليه ما ذكره بعده ) أي : فهو مجاز مع قرينته ولا نزاع في جوازه ا هـ سم .

                                                                                                                              ( قوله مع الصحة فيها أيضا ) قد يجاب بأن التقييد بالعين للغالب من وقوع الصلح على غير المنفعة ا هـ سم .

                                                                                                                              ( قوله مما مر ) أي : في شرح أو على منفعة بقوله أو لغيرها بها وقال الكردي قوله [ ص: 191 ] مما مر إشارة إلى قول المصنف أو على منفعة وقوله الآتي كما مر إشارة إلى هذه الصحة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله قلت ؛ لأنه لا يتأتى إلخ ) لا يخفى ما فيه فإنه إن أراد أن التفريع من التوافق وعدمه مفروض في عين واحدة لم يصح ؛ إذ العين الواحدة منحصرة في الواقع في أحد القسمين التوافق أو عدمه ولا يجتمعان فيها أو في جنس العين فلا مانع من إدخال المنفعة فإنه يثبت فيها أحد القسمين فتأمله فإنه ظاهر ا هـ سم قول المتن ( فإن توافقا ) أي : الدين المصالح عنه والعوض المصالح عليه ( قوله حذرا ) إلى قول المتن النوع الثاني في النهاية والمغني إلا قوله حسا أو حكما وقوله ثبت إلى المتن قول المتن ( قبض العوض ) أي : عينا أو دينا ا هـ سم .

                                                                                                                              ( قوله أو حكما ) لعل صورته أن يلزما العقد قبل القبض ا هـ سم أي يلزماه في المجلس وتقدم في الشرح أنه يبطل عقد الربوي خلافا للنهاية والمغني ( قوله وإلا يتوافقا ) أي : وإن لم يتوافق المصالح منه الدين والمصالح عليه مغني ونهاية ( قوله فيه ) أي : في علة الربا والتذكير بتأويل السبب .

                                                                                                                              . ( قوله كهو عن ذهب إلخ ) فيه تعليق الظرف بضمير المصدر ا هـ سم .

                                                                                                                              قول المتن ( عينا ) أي : ليس دينا ا هـ سم .

                                                                                                                              ( قوله ثبت ) صفة دينا ا هـ سم أي : حدث بسبب الصلح ( قوله أصحهما إلخ ) وإن كانا ربويين اشترط لما سبق في الاستبدال عن الثمن نهاية ومغني ( قوله وهذا ) أي : قوله فإن توافقا إلى قوله وإن صالح ( قوله كما مر ) أي : في السؤال السابق ا هـ سم أي : بقوله مع الصحة فيها ( قوله وتقبض هي بقبض محلها ) قال الإسنوي ويتجه تخريج اشتراطه أي : القبض في المجلس على الخلاف فيما لو صالح على عين نهاية ومغني قال ع ش قوله فيما لو صالح إلخ والراجح فيه أنه لا يشترط فكذا هنا ا هـ عبارة سم قوله على منفعة يمكن أن يقال إن كانت أي المنفعة المصالح عليها منفعة عين معينة لم يشترط القبض في المجلس أو منفعة عين في الذمة اشترط التعيين دون القبض ا هـ .




                                                                                                                              الخدمات العلمية