الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فرع ) باع دارا يصب ماء ميزابها في عرصة بجنبها ثم باع العرصة فللمشتري منعه منه إن كان مستنده اجتماعهما في ملك البائع بخلاف ما إذا كان سابقا على الاجتماع ؛ لأنه يوجب كون ذلك من حقوق الدار فيمنع المشتري من المنع ولو كان جماعة يمرون إلى أملاكهم في وسط ملك إنسان فطلبوا منه أن يقر لهم بحقهم ويشهد عليه به لزمه ذلك وله أن يمتنع حتى يقروا أنه شريكهم خوفا من أن ينكروه المشاركة تمسكا بأن يدهم باقية عليه بالمرور فيه وإنما لم يلزم مدينا إشهاد طلبه منه دائنه كما قطعوا به ؛ لأن الطروق هنا في ملك الغير يؤدي إلى إنكاره غالبا بخلاف الدين ولو خرجت أغصان أو عروق شجرته أو مال جداره إلى هواء مشترك بينه وبين جاره أو ما يستحق جاره منفعته بناء على أنه يخاصم وسيأتي ما فيه في الإجارة [ ص: 223 ] وإن رضي مالك العين أجبره على تحويلها عنه فإن امتنع ولم يمكن تحويلها فله قطعها وهدمه ولو بلا إذن حاكم خلافا لابن الرفعة ولو أوقد تحتها نارا فاحترقت لم يضمنها على ما قاله البغوي ويتعين حمله على ما إذا لم يقصر كأن عرضت ريح أوصلتها إليها ولم يمكنه طفؤها ولو اختلفا في ممر وميزاب ومجرى ماء ونحوها في ملك الغير أهو إعارة أو إجارة أو بيع مؤبد فإن علم ابتداء حدوثه في ملكه صدق المالك أنه لا حق للآخر في ذلك وإلا صدق خصمه أنه يستحق ذلك وكلام البغوي الموهوم لخلاف ذلك من إطلاق تصديق المالك حمله الأذرعي على ما إذا علم حدوثه في زمن ملك هذا المالك .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله أو ما يستحق جاره منفعته ) استحقاق جاره المنفعة صادق بملكه العين أيضا من غير شركة فيها والحكم فيه صحيح أيضا فلم لم يقيد قوله بناء إلخ حتى لا يخرج من عبارته مالك العين المذكور في كلامهم وفي شرح م ر وقول الأذرعي أن مستحق منفعة الملك بوصية أو وقف أو إجارة كمالك العين في ذلك صحيح وليس مبنيا على أن مالك المنفعة يخاصم كما لا يخفى على المتأمل ولا يصح الصلح على إبقاء الأغصان بمال ؛ لأنه اعتياض عن مجرد الهواء ولا عن اعتمادها على جداره ما دامت رطبة وانتشار العروق وميل الجدار كالأغصان فيما تقرر وما ينبت بالعروق المنتشرة لمالكها لا لمالك الأرض التي هي فيها وحيث تولى نحو القطع بنفسه لم يكن له أجرة أي : على القطع وعبارة شرح الروض قال في المطلب وليس له إذا تولى القطع والهدم بنفسه طلب أجرة على ذلك ا هـ .

                                                                                                                              وقوله إلا إن حكم إلخ كذا في العباب وغيره وكتب شيخنا الشهاب الرملي بخطه في هامش شرح الروض وفيه إشكال ؛ لأن ظاهره وجوب الأجرة بمجرد حكم الحاكم بالتفريغ ولا وجه للوجوب بمجرد ذلك مع أن الشرع حاكم به وإن لم يحكم حاكم به ثم رأيت م ر استشكله بذلك ومال إلى حمله [ ص: 223 ] على ما إذا كان يرى وجوب الأجرة على التفريغ .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله باع دارا إلخ ) يظهر أن بيعها ليس بقيد وإنما المدار على بيع العرصة ( قوله فللمشتري ) أي : للعرصة ( قوله منعه ) أي : منع مشتري الدار ( قوله منه ) أي : من الصب وكذا ضمير مستنده وكان وإشارة ذلك ( قوله بخلاف ما إذا كان سابقا إلخ ) هل مثله ما إذا جهل مستند الصب قياس نظائره نعم فليراجع .

                                                                                                                              ( قوله : لأنه ) أي : السبق .

                                                                                                                              ( قوله المشتري ) نائب فاعل فيمنع ( قوله يمرون إلى أملاكهم ) أي : على سبيل الاستحقاق ا هـ سيد عمر ( قوله عليه به ) أي على الإقرار بحقهم ( قوله المشاركة ) بدل من ضمير النصب ( قوله طلبه منه دائنه ) نعت إشهاد ( قوله به ) أي : بعدم اللزوم ( قوله في ملك لغير ) خبر أن ( وقوله يؤدي إلخ ) خبر ثان لها ومن ذكر المسبب بعد السبب ويحتمل أن الأول نعت للطروق أو بدل من هنا ( قوله ؛ لأن الطروق إلخ ) هذا الفرق على فرض تسليمه إنما يظهر بالنسبة إلى قوله وله أن يمتنع إلخ لا بالنسبة لما قبله ( قوله ولو خرجت ) إلى قوله خلافا في المغني إلا قوله أو ما يستحق إلى أجبره وفي النهاية إلا قوله بناء إلى أجبره ( قوله أو مال جداره إلخ ) ومنه ميل جدار بعض أهل السكة المنسدة إليها فلغير مالك الجدار هدمه وإن كانت السكة مشتركة بين مالك الجدار وبين الهادم ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله إلى هواء مشترك ) بالإضافة وتركها عبارة المغني والنهاية إلى هواء ملكه الخاص أو المشترك ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله إلى هواء مشترك بينه إلخ ) يؤخذ منه حكم المختص بالأولى وينبغي أن ينظر فيما لو أذن الجار أو الشريك في تمشية الأغصان في الهواء المختص أو المشترك حتى انتشرت ثم أراد الرجوع فهل يأتي فيه نظير ما يأتي في العارية من التخيير حتى يمتنع القطع في صورة الشريك الظاهر نعم ما لم يظهر نقل بخلافه نعم لا يأتي هنا التبقية بالأجرة لامتناعها في الهواء المجرد فيبقى في الشريك التملك بالقيمة فقط إن لم يمنع منه مانع شرعي وفي الجار هو أو القطع وغرم الأرش فليحرر ا هـ سيد عمر .

                                                                                                                              ( قوله أو ما يستحق إلخ ) عطف على مشترك إلخ خلافا لما يوهمه عبارة السيد عمر الآتية من الوصفية وإلا فكان المناسب إسقاطه من قوله أو ما يستحق إلخ ( قوله منفعته ) أي : فقط ( قوله بناء على أنه إلخ ) الظاهر كما في النهاية أنه كذلك وإن قلنا : إنه لا يخاصم ؛ لأن هذا من حيث شغل الهواء الذي استحق منفعته كما لو دخل شخص الدار المؤجرة فإن الظاهر أن للمستأجر منعه مطلقا وإن أدى إلى دفعه بما يدفع الصائل ا هـ سيد عمر عبارة النهاية وقول الأذرعي أن مستحق منفعة الملك بوصية أو وقف أو إجارة كمالك العين في ذلك صحيح وليس مبنيا على أن مالك المنفعة يخاصم كما لا يخفى على المتأمل ولا يصح الصلح على إبقاء الأغصان بمال ؛ لأنه اعتياض عن مجرد [ ص: 223 ] الهواء ولا عن اعتمادها على جداره ما دامت رطبة وانتشار العروق وميل الجدران كالأغصان فيما تقرر وما ينبت بالعروق المنتشرة لمالكها لا لمالك الأرض التي هي فيها ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله على أنه ) أي : مستحق المنفعة فقط ( قوله وإن رضي مالك العين ) أي : فقط غاية لقوله أجبره بالنسبة إلى قوله أو ما يستحق إلخ ( قوله أجبره ) جواب لو ( قوله ولو بلا إذن حاكم ) معتمد ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله ولو أوقد ) إلى قوله ولو اختلفا في النهاية ( قوله ويتعين حمله إلخ ) معتمد ا هـ ع ش عبارة السيد عمر حتى بالنسبة لمستحق القطع ؛ لأن القطع يبقى معه انتفاع مالكها بالأغصان المقطوعة بخلاف الإحراق ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله حمله الأذرعي إلخ ) وهو الظاهر خلافا لإطلاق الشارح م ر أي : والمغني تصديق المالك تبعا للبغوي ا هـ ع ش ( قوله هذا المالك ) أي أو مورثه كما مر عن ع ش .




                                                                                                                              الخدمات العلمية