الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وضمان عبد ) أي قن ولو مكاتبا ( بغير إذن سيده باطل في الأصح ) وإن أذن له في التجارة وإنما صح خلع أمة بمال في ذمتها بلا إذن لأنها قد تضطر إليه لنحو سوء عشرته نعم يصح ضمان مكاتب لسيده ومبعض [ ص: 243 ] في نوبته بغير إذن بخلافه في نوبة السيد ويفرق بينه وبين صحة شرائه لنفسه حينئذ بأن الضمان فيه التزام مال في الذمة على وجه التبرع وهو ليس من أهله حينئذ فإن قلت ظاهر كلامهم صحة هبته حينئذ قلت يفرق بأن التزام الذمة على وجه التبرع يحتاط له لأن فيه غررا فاشترط له عدم حجر بالكلية ولا يكون ذلك إلا والنوبة له لا غير ثم رأيت ابن الرفعة فرق بأنه في الشراء يدخل في ملكه ناجزا جابرا بخلافه في الضمان وهو موافق لقولي على وجه التبرع لكنه يقتضي بطلان هبته حينئذ وليس بالواضح فتعين أن يزاد في الفرق ما ذكرته مما يخرج نحو الهبة فتأمله .

                                                                                                                              وبحث ابن الرفعة عدم صحة ضمان القن الموقوف جزما بناء على المشهور أنه لا يصح عتقه وبحث غيره صحته بإذن الموقوف عليه ويوجه بأن إذنه يسلط على التعلق بكسبه المستحق له وهو قياس الأوجه من صحته من الموصى بمنفعته يأذن الموصى له [ ص: 244 ] وعليه ينبغي أن يقال متى انتقل الوقف لغيره بطل الضمان

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله ضمان مكاتب لسيده ) أي كما بحثه في شرح الروض بخلاف غير المكاتب لا يصح ضمانه لسيده كما صرح به في الروض قال في شرحه لأنه يؤدي من كسبه وهو لسيده فهو كما لو ضمن المستحق لنفسه ا هـ وسكت عن ضمان المكاتب ما على سيده [ ص: 243 ] لأجنبي وهو داخل في قوله وضمان عبد أي قن ولو مكاتبا إلخ .

                                                                                                                              ( قوله في نوبته بغير إذن ) لو ادعى المبعض أن ضمانه بغير الإذن كان في نوبة السيد فينبغي تصديقه عند الاحتمال كما لو ادعى الضامن الصبا عند الضمان وأمكن ( قوله وبحث غيره صحته بإذن الموقوف عليه ) ظاهره وإن لم يكن له النظر ولم يأذن الناظر فليتأمل .

                                                                                                                              وقوله الآتي متى انتقل الوقف لغيره بطل الضمان ويحتمل أن لا يبطل كما لو ضمن عبد بإذن سيده ثم باعه أو مات السيد فانتقل الملك للورثة فإن ظاهر كلامهم أنه لا يبطل الضمان فليتأمل .

                                                                                                                              وإذا قلنا لا يبطل فهل يتعلق بكسبه لأنه لما تعلق به قبل استمر أو ينقطع التعلق بكسبه وفائدة بقاء الضمان على هذا أنه قد يتبرع عنه أحد بالوفاء فيه نظر .

                                                                                                                              ( قوله ويوجه إلخ ) يؤخذ من هذا التوجيه أنه لو أذن له على أن لا يؤدي من كسبه لم يصح الضمان لعدم فائدته لأنه لا يتوقع عتقه ليؤدي بعده لامتناعه وقد منع من الأداء من كسبه ( قوله بإذن الموصى له ) ينبغي أن يقال يصح بإذن الموصى له ومالك الرقبة أو أحدهما فإن أذنا تعلق الضمان بكسبه المعتاد والنادر أو أحدهما فإن كان الموصى له تعلق بالمعتاد ، أو مالك الرقبة تعلق بالنادر فليتأمل ولا ينافي ذلك توقف ضمان المشترك على إذن الشريكين أو الشركاء لتميز ما لكل هنا لا هناك فليراجع ثم رأيت [ ص: 244 ] التفصيل المذكور في الموصى بمنفعته منقولا عن شيخنا الشهاب الرملي رحمه الله ( قوله بطل الضمان ) ويحتمل عدم البطلان وهو الأقرب شرح م ر .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله قد تضطر إليه ) أي الخلع ولا ضرورة إلى الضمان ا هـ مغني ( قوله لنحو سوء عشرته ) أي ومع ذلك إنما تطالب بعد العتق واليسار ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله ضمان مكاتب لسيده ) بخلاف غير المكاتب لا يصح ضمانه لسيده لأنه يؤدى من كسبه وهو لسيده فهو كما لو ضمن المستحق لنفسه مغني ونهاية قال سم بعد ذكر ذلك عن الروض وشرحه وسكت عن ضمان المكاتب ما على سيده لأجنبي وهو داخل في قوله وضمان عبد أي قن ولو مكاتبا إلخ ا هـ وسيأتي [ ص: 243 ] عنه أن المبعض كالمكاتب في صحة الضمان لسيده ( قوله في نوبته بغير إذن ) لو ادعى المبعض أن ضمانه بغير الإذن كان في نوبة السيد فينبغي تصديقه عند الاحتمال كما لو ادعى الضامن الصبا وأمكن سم على حج ا هـ ع ش ( قوله بغير إذن ) راجع للمكاتب أيضا ( قوله في نوبة السيد ) أي أو إذا لم يكن بينهما مهايأة ثم إذا أذن السيد في نوبته فهل يكون ما يؤديه من الكسب الواقع في نوبة السيد دون العبد أو من كسبه مطلقا فيه نظر والأقرب الأول ا هـ ع ش وقلبي إلى الثاني أميل ويأتي عن السيد عمر آنفا ما هو ظاهر فيه ( قوله بينه ) أي ضمان المبعض في نوبة السيد بلا إذن حيث لا يصح ( قوله حينئذ ) أي حين إذ كان الشراء في نوبة السيد بغير إذن ( قوله على وجه التبرع ) أي والشراء ليس كذلك ( قوله صحة هبته حينئذ ) أي هبة المبعض شيئا من ماله في نوبة السيد بغير إذنه ا هـ ع ش ( قوله قلت يفرق ) أي بين الهبة والضمان ا هـ ع ش ( قوله قلت يفرق إلخ ) ويمكن أن يفرق بين الضمان والهبة بأن الضمان يتوجه إلى كسبه بعد الضمان وكسبه بعد الضمان حق للسيد فاعتبر إذنه والهبة تصرف في خالص ملكه فلا مانع ويتفرع على الفرق المذكور أنه لو ضمن في عين من أعيان ماله في نوبة سيده بغير إذنه صح وهو واضح بناء على ما سيأتي في قول الشارح تنبيه يعلم إلخ ا هـ سيد عمر .

                                                                                                                              ( قوله بأن التزام الذمة إلخ ) أي بخلاف الهبة فإنها ليست فيها الالتزام ( قوله بأنه ) أي المبعض ( قوله يدخل ) من الإدخال ( قوله جابرا ) أي جابرا لما فاته في مقابلته ا هـ كردي ( قوله بخلافه في الضمان ) أي بخلاف المبعض إذا ضمن ( قوله وهو ) أي فرق ابن الرفعة ( قوله ما ذكرت إلخ ) وهو التزام الذمة .

                                                                                                                              ( قوله وبحث ابن الرفعة ) إلى قوله وبحث في المغني عبارته والموقوف لا يصح بغير إذن كما قاله ابن الرفعة فإن ضمن بإذن مالك منفعته صح لأنه سلط إلخ ا هـ فليراجع ( قوله وبحث غيره ) اعتمده النهاية ( قوله بإذن الموقوف عليه ) ظاهره وإن لم يكن له النظر ولم يأذن الناظر فليتأمل ا هـ سم .

                                                                                                                              ( قوله ويوجد إلخ ) يؤخذ من هذا التوجيه أنه لو أذن على أن لا يؤدي من كسبه لم يصح الضمان لعدم فائدته لأنه لا يتوقع عتقه ليؤدي بعده لامتناعه وقد منع من الأداء من كسبه ا هـ سم ( قوله من صحته من الموصي بمنفعته إلخ ) عبارة النهاية والمغني وسم والموصي بمنفعته دون رقبته أو بالعكس كالقن كما استظهره في المطلب لكن الأوجه كما أفاده الوالد رحمه الله تعالى اعتبار إذنهما معا إذ التعلق بكسبه شامل للمعتاد منه والنادر فإن أذن فيه مالك الرقبة فقط صح وتعلق بكسبه أو مالك المنفعة فقط صح وتعلق بالمعتاد ا هـ .

                                                                                                                              قال ع ش قوله والموصى بمنفعته إلخ ظاهره أنه لا فرق بين المؤقتة وغيرها وينبغي تقييده بغير المؤقتة وأما هي فإن ضمن بإذن مالك الرقبة تعلق بالأكساب النادرة مدة الوصية بالمنفعة وبالأكساب مطلقا بعد فراغ المدة وإن ضمن بإذن مالك المنفعة بالوصية أدى من المعتادة بقية المدة دون ما بعدها فلا يؤدي من المعتادة ولا غيرها وقوله اعتبار إذنهما أي ليتعلق الضمان بالكسب مطلقا معتادا أو نادرا كما يعلم مما [ ص: 244 ] يأتي ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وعليه ) أي بحث الغير ( قوله بطل الضمان ) ويحتمل عدم البطلان وهو الأقرب شرح م ر ا هـ سم قال الرشيدي قوله م ر ويحتمل عدم البطلان إلخ وفي نسخة ما نصه وعليه فالأوجه بطلانه إذا انتقل الوقف لغيره انتهى ا هـ وقال ع ش قوله وهو الأقرب وقد يشكل بما تقدم في الحوالة فيما لو آجر الجندي إقطاعه وأحال بعض الأجرة ثم مات قبل انقضاء المدة حيث قيل ثم ببطلان الحوالة على ما زاد على ما استقر في حياته وبما يأتي في الوقف من أن البطن الأول إذا آجر وشرط له النظر مدة استحقاقه من بطلان الإجارة بموته ومن ثم جزم حج بالبطلان إلا أن يجاب إلخ وعلى ما قاله الشارح م ر فينبغي أن لا يدفع شيئا من ذلك إلا بإذن من انتقل إليه لأن الحق صار له وحيث امتنع من انتقل له الوقف من الإذن ففائدة الضمان احتمال أن يتبرع أحد عن الضامن بما لزمه أو يسمح من انتقل إليه الوقف بالإذن بعد ذلك ا هـ .




                                                                                                                              الخدمات العلمية