الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وإن سقط من دابته ، أو وجد ميتا ولا أثر به ) يعني غسل وصلي عليه . وكذا لو سقط من شاهق فمات ، أو رفسته دابة فمات منها قال الأصحاب : وكذا لو مات حتف أنفه ، وهو من المفردات ، وكذا من عاد عليه سهمه فيها نص عليه فالصحيح من المذهب في ذلك كله : أنه يغسل ويصلى [ ص: 502 ] عليه وقدمه في الفروع وغيره .

وقيل : لا يغسل ولا يصلى عليه ، وحكي رواية واختاره القاضي قديما فيمن سقط عن دابته ، أو عاد عليه سلاحه فمات ، أو سقط من شاهق ، أو في بئر ، ولم يكن ذلك بفعل العدو واختاره القاضي أيضا في شرح المذهب فيمن وجد ميتا ، ولا أثر به [ قدمه الشيخ في المغني ، والشارح أنه إذا عاد عليه سلاحه فقتله لا يغسل ، ولا يصلى عليه ونصراه ] .

تنبيه : قوله ( وإن وجد ميتا ولا أثر به ) هكذا عبارة أكثر الأصحاب ، وزاد أبو المعالي " ولا دم في أنفه ودبره ، أو ذكره " قوله ( أو حمل فأكل أو طال بقاؤه ) يعني لو جرح فأكل فإنه يغسل ، ويصلى عليه . وكذا لو جرح فشرب ، أو نام ، أو بال ، أو تكلم ، زاد جماعة : أو عطس نص عليه منهم ابن تميم ، وصاحب مجمع البحرين ، وابن حمدان في رعايته الكبرى ، وهذا المذهب في ذلك كله ، ولو لم يطل الفصل وجزم به في التلخيص وغيره وقدمه في المستوعب ، والمحرر ، والفروع ، ومجمع البحرين ، وابن تميم ، وهو ظاهر كلام الخرقي ، وقيل : لا يغسل إلا إذا طال الفصل ، أو أكل فقط .

اختاره المجد في شرحه فقال : الصحيح عندي : التحديد بطول الفصل أو الأكل ; لأنه عادة ذوي الحياة المستقرة ، وطول الفصل دليل عليها فأما الشرب والكلام : فيوجدان ممن هو في السياق قال ابن تميم : وهو أصح وجزم به في الوجيز وصححه المصنف ، قلت : وهو عين الصواب ، وعنه يغسل في ذلك كله إلا مع جراحة كثيرة ، ولو طال الفصل معها قال في مجمع البحرين : والأولى أنه إن لم يتطاول به ذلك ، فهو كغيره من الشهداء . واختاره جماعة من أصحابنا وقدمه في الرعايتين ، وقيل : الاعتبار بتقضي الحرب فمتى مات وهي قائمة لم يغسل ، ولو وجد منه [ ص: 503 ] شيء من ذلك ، وإن مات بعد انقضائها غسل قال في مجمع البحرين ، قلت : كذا نقله ابن البنا في العقود عن مذهبنا . انتهى .

قال الآمدي : إذا خرج المجروح من المعركة ، ثم مات بعد تقضي القتال فهو كغيره من الموتى قال ابن تميم : وظاهر كلام القاضي في موضع : أن الاعتبار بقيام الحرب فإن مات وهي قائمة لم يغسل ، وإن انقضت قبل موته غسل ، ولم يعتبر خروجه من المعركة . انتهى . قال في الفروع : نقل الجماعة : إنما يترك غسل من قتل في المعركة ، وإن حمل وفيه روح غسل .

تنبيه : قوله " أو طال بقاؤه " قال في الفروع : والمراد عرفا .

التالي السابق


الخدمات العلمية