الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  6937 1 - حدثنا أبو عاصم ، حدثنا زكرياء بن إسحاق ، عن يحيى بن عبد الله بن صيفي ، عن أبي معبد ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث معاذا إلى اليمن .

                                                                                                                                                                                  وحدثني عبد الله بن أبي الأسود ، حدثنا الفضل بن العلاء ، حدثنا إسماعيل بن أمية ، عن يحيى بن عبد الله بن محمد بن صيفي أنه سمع أبا معبد مولى ابن عباس يقول : سمعت ابن عباس يقول : لما بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - معاذا نحو اليمن قال له : إنك تقدم على قوم من أهل الكتاب ، فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحدوا الله تعالى ، فإذا عرفوا ذلك فأخبرهم أن الله فرض عليهم [ ص: 82 ] خمس صلوات في يومهم وليلتهم ، فإذا صلوا فأخبرهم أن الله افترض عليهم زكاة أموالهم تؤخذ من غنيهم فترد على فقيرهم ، فإذا أقروا بذلك فخذ منهم ، وتوق كرائم أموال الناس .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله : تدعوهم إلى أن يوحدوا الله تعالى .

                                                                                                                                                                                  وأخرجه من طريقين ( أحدهما ) : عن أبي عاصم الضحاك المشهور بالنبيل ، وكثيرا ما يروي عنه البخاري بالواسطة ، وهو يروي عن زكريا بن إسحاق المكي عن يحيى بن عبد الله بن صيفي ، قال الكلاباذي : هو يحيى بن عبد الله بن محمد بن صيفي مولى عمرو بن عثمان بن عفان المكي ، عن أبي معبد بفتح الميم والباء الموحدة واسمه نافذ بالنون والفاء وبالذال المعجمة ، ( والطريق الثاني ) : عن عبد الله بن أبي الأسود هو عبد الله بن محمد بن أبي الأسود واسمه حميد البصري ، يروي عن الفضل بن العلاء الكوفي ، نزل البصرة ، وثقه علي بن المديني ، وقال أبو حاتم : شيخ يكتب حديثه ، وقال الدارقطني : كثير الوهم ، وما له في البخاري سوى هذا الموضع ، وقد قرنه بغيره ، ولكنه ساق المتن هنا على لفظه . وإسماعيل بن أمية الأموي .

                                                                                                                                                                                  والحديث مر في أول الزكاة عن أبي عاصم إلى آخره ، ومضى الكلام فيه .

                                                                                                                                                                                  قوله : " سمعت ابن عباس يقول " ، وفي بعض النسخ : سمعت ابن عباس : لما بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - بحذف قال أو يقول ، وقد جرت العادة بحذفه خطأ . قوله : " نحو اليمن " أي : جهة اليمن ، ويروى : نحو أهل اليمن ، وهذا من إطلاق الكل وإرادة البعض ; لأنه بعثه إلى بعضهم لا إلى جميعهم ; لأن اليمن مخلافان ، وبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - معاذا إلى مخلاف وأبا موسى الأشعري إلى مخلاف كما مر في آخر المغازي ، ويحتمل أن يكون الخبر على عمومه في الدعوى إلى الأمور المذكورة ، وإن كانت إمرة معاذ إنما كانت على جهة من اليمن مخصوصة . قوله : " تقدم " بفتح الدال . قوله : " من أهل الكتاب " هم اليهود ، وكان ابتداء دخول اليهود اليمن في زمن أسعد ذي كرب ، وهو تبع الأصغر ، فقام الإسلام وبعض أهل اليمن على اليهودية ، وبعد ذلك دخل دين النصرانية لما غلبت الحبشة على اليمن ، وكان منهم أبرهة صاحب الفيل ، ولم يبق بعد باليمن أحد من النصارى أصلا إلا بنجران ، وهي بين مكة واليمن ، وبقي ببعض بلادها قليل من اليهود . قوله : " فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحدوا الله " أي : فليكن أول الأشياء دعوتهم إلى التوحيد ، وكلمة ما مصدرية ، ومضى في الزكاة : فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله . قوله : " فإذا عرفوا ذلك " أي : التوحيد . قوله : " فإذا أقروا بذلك " أي : صدقوا وآمنوا به فخذ منهم الزكاة . قوله : " وتوق كرائم أموال الناس " أي : احذر واجتنب خيار مواشيهم أن تأخذها في الزكاة ، والكرائم جمع كريمة ، وهي الشاة الغزيرة اللبن .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية