الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        الركن الرابع : الصيغة ، فنتكلم في طرف الإيجاب ، ثم طرف القبول ، أما الإيجاب فلا بد منه ، بأن يقول : أوصيت له بكذا ، أو أعطوه ، أو ادفعوا إليه بعد موتي كذا ، أو هو له ، أو جعلته له بعد موتي ، أو ملكته ، أو وهبته له بعد موتي . أما إذا اقتصر على قوله : وهبته له ، ونوى الوصية ، فالأصح أنه لا يكون وصية ؛ لأنه أمكن تنفيذه في موضوعه الصريح ، وهو التمليك الناجز . ولو قال : هذا له ، فهو إقرار يؤاخذ به ، ولا يجعل كناية عن الوصية ، إلا أن يقول : هو له من مالي ، أو يقول : عبدي هذا لفلان ، فيصح كناية عن الوصية ؛ لأنه لا يصلح إقرارا . ولو قال : عينته له ، فهذا كناية ؛ لأنه يحتمل التعيين للتمليك بالوصية ، والتعيين للإعارة وتصح الوصية بالكتابة مع النية بلا خلاف ، لما سبق في " كتاب البيع " : أن ما يقبل مقصوده التعليق بالإغرار ، كالكتابة ، والخلع ، ينعقد [ ص: 141 ] بالكتابة مع النية ، والوصية تقبل التعليق بالإغرار ، فأولى أن تنعقد بالكتابة . ولو كتب : إني أوصيت لفلان بكذا ، قال المتولي : لا ينعقد إذا كان الشخص ناطقا ، كما لو قيل له : أوصيت لفلان بكذا ؟ فأشار : أن نعم . ولو وجد له كتاب وصية بعد موته ، ولم تقم بينة على مضمونه ، أو كان قد أشهد جماعة أن الكتاب خطي ، وما فيه وصيتي ، ولم يطلعهم على ما فيه فقال جمهور الأصحاب : لا تنفذ الوصية بذلك ، ولا يعمل بما فيه حتى يشهد الشهود به مفصلا . ونقل الإمام ، والمتولي : أن محمد بن نصر المروزي من أصحابنا قال : يكفي الإشهاد عليه مبهما . وروى أبو الحسن العبادي أنه قال : يكفي الكتاب من غير إشهاد ، واحتج بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إلا ووصيته مكتوبة " عنده أشعر ذلك باعتبار الكتابة .

                                                                                                                                                                        واعلم أن انعقاد الوصية بالكتابة ليس ببعيد وإن استبعدوه ; لأن الكتابة ككنايات الألفاظ . وقد سبق في البيع ذكر الخلاف في انعقاد البيع ونحوه بالكنايات . وذكرنا الآن أن الوصية أشد قبولا للكنايات . فإذا كتب ، وقال : نويت الوصية لفلان ، أو اعترف ورثته به بعد موته وجب أن يصح .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        لو اعتقل لسانه صحت وصيته بالإشارة والكتابة .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية