الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        المسألة الثانية : فيما يتعلق بجانب وارث الموصي ، وفيه أربعة فروع .

                                                                                                                                                                        [ ص: 189 ] الأول : الوارث يملك إعتاق الموصى بمنفعته ; لأن رقبته له ، وأشار صاحب " الرقم " وغيره إلى خلاف فيه .

                                                                                                                                                                        والمذهب الأول ، لكن لا يجري إعتاقه عن الكفارة على الأصح ، لعجزه عن الكسب .

                                                                                                                                                                        وإذا أعتق ، فالصحيح الذي قطع به الجمهور : أن الوصية تبقى بحالها ، وتكون المنافع مستحقة للموصى له كما كانت ، كما إذا أعتق المستأجر .

                                                                                                                                                                        ولا يرجع العتيق بقيمة المنفعة قطعا .

                                                                                                                                                                        وقيل : تبطل الوصية ، نقله أبو الفرج الزاز ; لأنه يبعد أن تكون منفعة الحر مستحقة أبدا .

                                                                                                                                                                        فعلى هذا في رجوع الموصى له على المعتق بقيمة المنافع وجهان .

                                                                                                                                                                        قلت : لعل أصحهما الرجوع .

                                                                                                                                                                        والله أعلم .

                                                                                                                                                                        وليس للوارث كتابة هذا العبد على الأصح ; لأن أكسابه مستحقة .

                                                                                                                                                                        ووجه الجواز توقع الزكاة ونحوها .

                                                                                                                                                                        الفرع الثاني : إذا كانت الوصية بمنفعة - مدة معلومة - ، فنفقته على الوارث ، كالمستأجر .

                                                                                                                                                                        وإن كانت على التأبيد ، فثلاثة أوجه .

                                                                                                                                                                        أصحها : كذلك .

                                                                                                                                                                        والثاني : على الموصى له .

                                                                                                                                                                        والثالث : في كسبه .

                                                                                                                                                                        فإن لم يكن كسب .

                                                                                                                                                                        أو لم يف بها ، ففي بيت المال .

                                                                                                                                                                        والفطرة كالنفقة ، ففيها الأوجه ، كذا قاله السرخسي وطائفة ، وقطع البغوي بأنها على مالك الرقبة .

                                                                                                                                                                        وعلف البهيمة ، كنفقة العبد .

                                                                                                                                                                        أما عمارة الدار الموصى بمنافعها ، وسقي البستان الموصى بثماره ، فإن تراضيا عليه ، أو تطوع أحدهما به ، فذاك ، وليس للآخر منعه .

                                                                                                                                                                        وإن تنازعا ، لم يجبر واحد منهما ، بخلاف النفقة ؛ لحرمة الزوج .

                                                                                                                                                                        وأشار بعضهم إلى طرد الخلاف في العمارة وسائر المؤن .

                                                                                                                                                                        الفرع الثالث : بيع الموصى بمنفعته مدة ، كبيع المستأجر .

                                                                                                                                                                        وأما الموصى بمنفعته على التأبيد ، ففي بيع الوارث رقبته أوجه .

                                                                                                                                                                        أصحها : يصح [ بيعها ] [ ص: 190 ] للموصى له بالمنفعة دون غيره .

                                                                                                                                                                        والثاني : يصح مطلقا .

                                                                                                                                                                        والثالث : لا .

                                                                                                                                                                        والرابع : يصح بيع العبد والأمة ، لأنهما يتقرب بإعتاقهما ، ولا يصح بيع البهائم والجمادات .

                                                                                                                                                                        والماشية الموصى بنتاجها يصح بيعها ، لبقاء بعض المنافع والفوائد ، كالصوف ، والظهر .

                                                                                                                                                                        وإنما الخلاف فيما استغرقت الوصية منافعه .

                                                                                                                                                                        الفرع الرابع : هل للوارث وطء الموصى بمنفعتها ؟ فيه أوجه .

                                                                                                                                                                        أصحها : ثالثها : يجوز إن كانت ممن لا تحبل ، وإلا ، فلا .

                                                                                                                                                                        فإن منعنا ، فوطئ ، فلا حد ، للشبهة ، وأما المهر ، فيبنى على أنها لو وطئت بشبهة لمن المهر ؟ فإن قلنا : للوارث ، فلا مهر عليه ، وإلا ، فعليه .

                                                                                                                                                                        فإن أولدها ، فالولد حر ، وعليه قيمته .

                                                                                                                                                                        وهل تكون القيمة للموصى له ؟ أم يشترى بها عبد يخدم الموصى له وتكون رقبته للوارث ؟ فيه الوجهان فيما إذا ولدت رقيقا .

                                                                                                                                                                        وتصير الجارية أم ولد يعتق بموته مسلوبة المنفعة . وقيل : لا تصير ، وهو ضعيف .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية