الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 388 ] كتاب الشركة .

                                                                                                        ( الشركة جائزة ) لأنه صلى الله عليه وسلم بعث والناس يتعاملون بها فقرهم عليه . قال : ( الشركة ضربان : شركة أملاك ، وشركة عقود . فشركة الأملاك : العين يرثها رجلان أو يشتريانها ، فلا يجوز لأحدهما أن يتصرف في نصيب الآخر إلا بإذنه ، وكل واحد منهما في نصيب صاحبه كالأجنبي ) وهذه الشركة تتحقق في غير المذكور في الكتاب ، كما إذا اتهب رجلان عينا أو ملكاها بالاستيلاء أو اختلط مالهما من غير صنع أحدهما أو بخلطهما خلطا يمنع التمييز رأسا أو إلا بحرج ، ويجوز بيع أحدهما نصيبه من شريكه في جميع الصور ومن غير شريكه بغير إذنه إلا في صورة الخلط والاختلاط فإنه لا يجوز إلا بإذنه ، وقد بينا الفرق في كفاية المنتهى . ( والضرب الثاني : شركة العقود ، وركنها الإيجاب والقبول . وهو أن يقول أحدهما : شاركتك في كذا وكذا ، ويقول الآخر قبلت ) وشرطه : أن [ ص: 389 ] يكون التصرف المعقود عليه عقد الشركة قابلا للوكالة ليكون ما يستفاد بالتصرف مشتركا بينهما فيتحقق حكمه المطلوب منه . [ ص: 390 ] ( ثم هي أربعة أوجه : مفاوضة وعنان وشركة الصنائع وشركة الوجوه ) . .

                                                                                                        [ ص: 388 ]

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        [ ص: 388 ] كتاب الشركة الحديث الأول : بعث النبي صلى الله عليه وسلم والناس يتعاملون بها ، فقرهم عليها ولم ينههم ; قلت : في الباب أحاديث : منها ما أخرجه أبو داود ، وابن ماجه عن سفيان عن إبراهيم بن مهاجر عن مجاهد عن قائد السائب { عن السائب بن أبي السائب أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم : كنت شريكي في الجاهلية ، فكنت خير شريك ، لا تداري ، ولا تماري }انتهى .

                                                                                                        ورواه أحمد في " مسنده " ، والحاكم في " المستدرك في كتاب البيوع " ، وقال : حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه ، ورواه أحمد في " مسنده " من حديث عبد الله بن عثمان بن خثيم عن مجاهد { عن السائب أن النبي صلى الله عليه وسلم شاركه قبل الإسلام في التجارة ، فلما كان يوم [ ص: 389 ] الفتح جاءه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : مرحبا بأخي وشريكي ، كان لا يداري ولا يماري ، يا سائب قد كنت تعمل أعمالا في الجاهلية لا تقبل منك ، وهي اليوم تقبل منك ، وكان ذا سلف وصدقة }انتهى .

                                                                                                        قال السهيلي في " الروض الأنف " : حديث السائب : { كنت شريكي في الجاهلية ، فكنت خير شريك لا تداري ولا تماري } ، كثير الاضطراب ، فمنهم من يرويه عن السائب بن أبي السائب ، ومنهم من يرويه عن قيس بن السائب ، ومنهم من يرويه عن عبد الله بن السائب ، وهذا اضطراب لا يثبت به شيء ، ولا تقوم به حجة ، والسائب بن أبي السائب من المؤلفة قلوبهم ، وممن حسن إسلامه منهم ، واضطرب في متنه أيضا ، فمنهم من يجعله من قول النبي صلى الله عليه وسلم في أبي السائب ، ومنهم من يجعله من قول أبي السائب في النبي صلى الله عليه وسلم انتهى كلامه . قال إبراهيم الحربي في " كتابه غريب الحديث " : إن تداري مهموز من المداراة ، وهي المدافعة ، وتماري غير مهموز من المماراة ، وهي المجادلة انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه أبو داود في " البيوع " عن محمد بن الزبرقان عن أبي حيان التيمي عن أبيه عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { قال الله تعالى : أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه ، فإذا خانا خرجت من بينهما }انتهى .

                                                                                                        ورواه الحاكم في " المستدرك " ، وصححه ، قال ابن القطان في " كتابه " : وهو حديث إنما يرويه أبو حيان التيمي عن أبيه عن أبي هريرة ، وأبو حيان هو يحيى بن سعيد بن حيان ، أحد الثقات ، ولكن أبوه لا يعرف له حال ، ولا يعرف من روى عنه غير ابنه ، ويرويه عن أبي حيان أبو همام محمد بن الزبرقان ، وحكى الدارقطني عن لوين أنه قال : لم يسنده غير أبي همام ، ثم ساقه من رواية أبي ميسرة النهاوندي ثنا جرير عن أبي حيان عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرسل انتهى كلامه . قال ابن سعد في " الطبقات " : السائب ابن أبي السائب اسمه صيفي بن عائذ بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ، وله ولد اسمه عبد الله صحابي أيضا ، ثم ذكر له حديث الشركة ، انتهى . .




                                                                                                        الخدمات العلمية