الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        [ ص: 463 ] 30 - كتاب الأدب

                                                                                        1 - باب جمل من الأدب

                                                                                        2584 - قال الحارث : حدثنا داود بن المحبر ، حدثنا ميسرة بن عبد ربه ، عن أبي عائشة السعدي ، عن يزيد بن عمر ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، وابن عباس رضي الله عنهما ، قالا : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر حديثا طويلا وفيه : " ومن اطلع إلى بيت جاره فرأى عورة رجل ، أو شعر امرأة ، أو شيئا من جسدها ، كان حقا على الله تعالى أن يدخله النار مع المنافقين الذين كانوا يتحينون عورات النساء ، ولا يخرج من الدنيا حتى يفضحه الله تعالى ، ويبدي للناظرين عورته يوم القيامة ، ومن آذى جاره من غير حق ، حرم الله عليه الجنة ، ومأواه النار ، ألا وأن الله تعالى يسأل الرجل عن جاره ، كما يسأله عن حق أهل بيته ، فمن يضيع حق جاره فليس منا ، ومن بات وفي قلبه غش لأخيه المسلم بات وأصبح في سخط الله تعالى حتى يتوب ويراجع ، فإن مات على ذلك مات على غير الإسلام " ، ثم قال صلى الله عليه وسلم : " ألا من غشنا فليس منا ، حتى قال ذلك ثلاثا ، [ ص: 464 ] ومن اغتاب مسلما بطل صومه ، ونقض وضوءه ، فإن مات وهو كذلك مات كالمستحل ما حرم الله تعالى ، ومن مشى بنميمة بين اثنين سلط الله تعالى عليه في قبره نارا تحرقه إلى يوم القيامة ، ثم يدخله النار ، ومن عفى عن أخيه المسلم ، وكظم غيظه ، أعطاه الله تعالى أجر شهيد ، ومن بغى على أخيه ، وتطاول عليه ، واستحقره ، حشره الله تعالى يوم القيامة في صورة الذر يطؤه العباد بأقدامهم ، ثم يدخل النار ، ولم يزل في سخط الله حتى يموت ، ومن رد عن أخيه المسلم غيبة سمعها تذكر عنه في مجلس ، رد الله تعالى عنه ألف باب من الشر في الدنيا والآخرة ، فإن هو لم يرد عنه وأعجبه ما قالوا ، كان عليه من الشر مثل وزرهم ، ومن قال لمملوكه ، أو مملوك غيره أو لأحد من المسلمين : لا لبيك ولا سعديك ، انغمس في النار ، ومن ضار مسلما فليس منا ولسنا منه في الدنيا والآخرة ، ومن سمع بفاحشة فأفشاها كان كمن أتاها ، ومن سمع بخير فأفشاه كان كمن عمله ، ومن أكرم أخاه المسلم فإنما يكرم ربه ، [ ص: 465 ] فما ظنكم ؟ ومن كان ذا وجهين ولسانين في الدنيا جعل الله له وجهين ولسانين في النار ، ومن مشى في قطيعة بين اثنين كان عليه من الوزر بقدر ما أعطي من أصلح بين اثنين من الأجر ، ووجبت عليه اللعنة حتى يدخل جهنم فيضاعف عليه العذاب ، ومن مشى في عون أخيه المسلم ومنفعته كان له ثواب المجاهدين في سبيل الله تعالى ، ومن مشى في غيبته وبث عورته كانت أول قدم يخطوها كأنما يضعها في جهنم ، ويكشف عورته يوم القيامة على رؤوس الخلائق ، ومن مشى إلى ذي قرابة أو ذي رحم لبلال أو لسقم به أعطاه الله تعالى أجر مائة شهيد ، وإن وصله مع ذلك كان له بكل خطوة أربعون ألف حسنة وحط عنه بها أربعون ألف ألف سيئة ، ورفع له أربعون ألف ألف درجة ، وكأنما عبد الله تعالى مائة ألف سنة ، ومن مشى في فساد بين القرابات والقطيعة بينهم غضب الله عليه ولعنه ، وكان عليه كوزر من قطع الرحم ، ومن عمل في فرقة بين امرأة وزوجها كان عليه لعنة الله في الدنيا والآخرة ، وحرم الله عليه النظر إلى وجهه ، ومن قاد ضريرا إلى المسجد أو إلى منزله أو إلى حاجة من حوائجه ، كتب له بكل قدم رفعها أو وضعها عتق [ ص: 466 ] رقبة ، وصلت عليه الملائكة حتى يفارقه ، ومن مشى بضرير في حاجة حتى يقضيها ، أعطاه الله براءة من النار وبراءة من النفاق ، وقضى الله تعالى له سبعين ألف حاجة من حوائج الدنيا ، ولم يزل يخوض في الرحمة حتى يرجع ، ومن مشى لضعيف في حاجة أو منفعة أعطاه الله تعالى كتابه باليمين ، ومن ضيع أهله وقطع رحمه ، حرمه الله تعالى حسن الجزاء يوم يجزي الله المحسنين ، وحشر مع الهالكين ، حتى يأتي بالمخرج وأنى المخرج ، ومن فرج عن أخيه كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كرب الدنيا والآخرة ، ونظر إليه نظرة رحمة ينال بها الجنة ، ومن مشى في صلح امرأة وزوجها كان له أجر ألف شهيد قتلوا في سبيل الله حقا ، وكان له بكل خطوة عبادة سبعين سنة : صيامها وقيامها ، ومن صنع إلى أخيه معروفا ومن عليه به ، أحبط أجره وخيب سعيه ، ألا وأن الله تعالى حرم الجنة على المنان ، والبخيل ، والمختال ، والقتات ، والجواظ ، والجعظري ، والعتل ، والزنيم ، ومدمن [ ص: 467 ] الخمر ، ومن بنى بناء على ظهر طريق يأوي عابر السبيل ، بعثه الله يوم القيامة على جبينه درة ووجهه يضيء لأهل الجمع ، حتى يقولوا : هذا ملك من الملائكة ، ولم ير مثله حتى يزاحم إبراهيم عليه السلام في الجنة ، ويدخل الجنة بشفاعته أربعون ألف رجل ، ومن احتفر بئرا حتى ينبسط ماؤها فبذلها للمسلمين ، كان له أجر من توضأ منها وصلى ، وله بعدد شعر كل من شرب منها حسنات ، إنس أو جن ، أو بهيمة أو سبع أو طائر ، أو غير ذلك ، وله بكل شعرة في ذلك عتق رقبة ، ويرد في شفاعته يوم القيامة عند الحوض ، حوض القدس ، عدد نجوم السماء " ، قيل : يا رسول الله ، وما حوض القدس ؟ قال صلى الله عليه وسلم : " حوضي ، حوضي ، حوضي ، ومن شفع لأخيه في حاجة له نظر الله إليه ، وحق على الله تعالى أن لا يعذب عبدا نظر إليه ، إذا كان ذلك بطلب منه أن يشفع له ، فإذا شفع له من غير طلب ، له مع ذلك أجر سبعين شهيدا ، ومن زار أخاه المسلم ، فله بكل خطوة حتى يرجع عتق مائة ألف رقبة ، ومحو مائة ألف سيئة ، ويكتب له بها مائة ألف درجة " فقلنا لأبي هريرة : أوليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أعتق رقبة فهي فكاكه من النار ؟ " ، قال : [ ص: 468 ] نعم ، ويرفع له سائرها في كنوز العرش عند ربه تبارك وتعالى .

                                                                                        هذا الحديث بطوله موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والمتهم به ميسرة بن عبد ربه ، لا بورك فيه .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية