الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما بين ما هم فيه من النعمة؛ بين ما لأعدائهم من النقمة؛ زيادة في سرورهم بما قاسوه في الدنيا؛ من تكبرهم عليهم؛ وفجورهم؛ فقال: والذين كفروا ؛ أي: ستروا ما دلت عليه عقولهم من شموس الآيات؛ وأنوار الدلالات؛ لهم نار جهنم ؛ أي: بما تجهموا أولياء الله؛ الدعاة إليهم؛ ولما كانت عادة النار إهلاك من دخلها بسرعة؛ بين أن حالها على غير ذلك؛ زيادة في نكالهم؛ وسوء مآلهم؛ فقال - مستأنفا -: لا يقضى ؛ أي: لا يحكم؛ وينفذ؛ ويثبت من حاكم ما عليهم ؛ أي: بموت؛ فيموتوا ؛ أي: فيتسبب عن القضاء موتهم؛ وإذا راجعت ما مضى في سورة "سبحان"؛ من [ ص: 62 ] قوله: فلا يملكون كشف الضر عنكم ؛ وما يأتي إن شاء الله (تعالى) في "المرسلات"؛ من قوله: ولا يؤذن لهم فيعتذرون ؛ علمت سر وجوب النصب هنا؛ لأنه لو رفع لكان المعنى أن موتهم ينبغي إن قضي عليهم؛ أو لم يقض؛ وذلك محال.

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كانت الشدائد في الدنيا تنفرج؛ وإن طال أمدها؛ قال: ولا يخفف عنهم ؛ وأعرق في النفي بقوله: من عذابها ؛ أي: جهنم؛ ولما كان ربما توهم متوهم أن هذا العذاب خاص بالذين كانوا في عصره - صلى الله عليه وسلم - من الكفار؛ قال: كذلك ؛ أي: مثل هذا الجزاء العظيم؛ نجزي ؛ أي: بما لنا من العظمة - على قراءة الجماعة؛ بالنون؛ كل كفور ؛ أي: به - صلى الله عليه وسلم -؛ أو بغيره من الأنبياء - عليهم السلام -؛ وإن لم يره؛ لأن ثبوت المعجزة يستوي فيها السمع والبصر؛ وبنى أبو عمرو الفعل للمفعول؛ إشارة إلى سهولته؛ وتيسره؛ ورفع "كل".

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية