الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 344 ] ولما كان في معرض المعارضة لتألبهم وشقاقهم؛ وتجمعهم على المناوأة باطلا؛ واتفاقهم؛ ولما كانوا لما عندهم من العناد؛ وحمية الجاهلية؛ ربما أنكروا أن يكون هلاك هؤلاء الأحزاب لأجل التكذيب؛ وقالوا: هو عادة الدهر في الإهلاك؛ والتخالف في أسباب الهلاك؛ قال - مؤكدا بأنواع التأكيد -: إن ؛ أي: ما؛ كل ؛ من هذه الفرق؛ كان لهلاكه سبب من الأسباب؛ إلا ؛ أنه؛ كذب الرسل ؛ أي: كلهم؛ بتكذيب رسوله؛ فإن من كذب رسولا واحدا؛ مع ثبوت رسالته؛ فقد استهان بمن أرسله؛ وذلك ملزوم لتكذيب جميع من يرسله؛ لتساوي أقدام المعجزات التي ثبتت رسالتهم بها؛ في إيجاب التصديق؛ فحق ؛ أي: فتسبب عن ذلك التكذيب أنه حق عقاب ؛ أي: ثبت عليه؛ فلم يقدر على التخلص منه بوجه من الوجوه؛ والعدول إلى إفراد الضمير مع أسلوب التكلم؛ لأن المقام للتوحيد؛ كما مضى؛ وهو أنص على المراد؛ وتقدم السر في حذف الياء رسما في جميع المصاحف؛ وقراءة عند أكثر القراء؛ وفي إثباتها في الحالين ليعقوب وحده.

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان السياق للشقاق؛ والإذعان للذكر؛ الذي هو الموعظة ذات الشرف:


                                                                                                                                                                                                                                      لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى ... حتى يراق على جوانبه الدم



                                                                                                                                                                                                                                      كان الحال مقتضيا للعقوبة؛ بخلاف ما في "ق"؛ فإن السياق لإنكارهم البعث؛ [ ص: 345 ] وصحة النذارة؛ وإثبات المجد؛ فكان الوعيد في ذلك كافيا.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية