الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما كانت قد جرت - عادتهم عند التخويف - أن يقولوا: عجل لنا هذا إن كنت صادقا فيما ادعيت؛ ومن المقطوع به أنه لا يقدر على ذلك إلا الإله؛ فصاروا كأنهم نسبوه إلى أنه ادعى الإلهية؛ قال (تعالى) - منبها على ذلك؛ آمرا له بالجواب -: قل ؛ أي: لمن يقول لك ذلك؛ إنما أنا منذر ؛ أي: مخوف لمن عصى؛ ولم أدع أني إله؛ ليطلب مني ذلك؛ فإنه لا يقدر على مثله إلا الإله؛ فهو قصر قلب للموصوف على الصفة؛ وأفرد قاصرا للصفة في قوله: وما ؛ وأعرق في النفي بقوله: من إله ؛ أي: معبود بحق؛ لكونه محيطا بصفات الكمال؛ ولما كان السياق للتوحيد؛ الذي هو أصل الدين؛ لفت القول عن مظهر العظمة إلى أعظم منه؛ وأبين؛ فقال: إلا الله ؛ وللإحاطة عبر بالاسم العلم؛ الجامع لجميع الأسماء الحسنى؛ ولو شاركه شيء لم يكن محيطا؛ وللتفرد قال - مبرهنا على ذلك -: الواحد ؛ أي: بكل اعتبار؛ فلا يمكن أن يكون له جزء؛ أو يكون له شبيه؛ فيكون محتاجا مكافئا؛ القهار ؛ أي: الذي يقهر غيره على ما يريد؛ وهذا برهان على أنه الإله وحده؛ وأن آلهتهم بعيدة عن استحقاق الإلهية؛ لتعددها؛ وتكافئها بالمشابهة؛ واحتياجها.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية