الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          العاقلة من الدية ( وهي ) أي : العاقلة ( من غرم ثلث دية فأكثر ) من ثلث الدية ( بسبب جناية غيره ) أي الغارم سموا بذلك لأنهم يعقلون يقال عقلت فلانا إذا أعطيت ديته ، وعقلت عن فلان إذا غرمت عنه دية جنايته ، وأصله من عقل الإبل وهي الحبال التي تثنى بها أيديها ، ذكره الأزهري وقيل من العقل : أي : المنع ; لأنهم يمنعون عن القاتل أو لأنها تعقل لسان ولي المقتول ، ولما عرف العاقلة بالحكم وهو منتقد بالدور قال ( وعاقلة جان ) ذكر أو أنثى ( ذكور عصبته نسبا وولاء حتى عمودي نسبه و ) حتى ( من بعد ) كابن ابن ابن عم جد جان لحديث أبي هريرة قال : { قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنين امرأة من بني لحيان سقط ميتا بغرة عبد أو أمة ثم إن المرأة التي قضي عليها بالغرة توفيت فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ميراثها لبنتيها وزوجها وأن العقل على عصبتها } متفق عليه .

                                                                          وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أن يعقل عن المرأة عصبتها من كانوا ولا يرثون منها إلا ما فضل عن ورثتها } رواه الخمسة إلا الترمذي ولأن العصبة يشدون أزر قريبهم وينصرونه فاستوى قريبهم وبعيدهم في العقل ولأن الأب والابن أحق بنصرته من غيرهما فوجب أن يحملا عنه كالإخوة وبني الأعمام ، وأما حديث { لا يجني عليك ولا تجني عليه } أي : إثم جنايتك لا يتخطاك إليه وإثم جنايته لا يتخطاه إليك كقوله تعالى : { ولا تزر وازرة وزر أخرى } وإذا ثبت العقل في عصبة النسب فكذا عصبة [ ص: 325 ] الولاء لعموم الخبر وأما الأخ للأم وذوو الأرحام والنساء فليسوا من العاقلة بلا خلاف لأنهم ليسوا من أهل النصرة ( لكن لو عرف نسبه من قبيلة ولم يعلم من أي بطونها ) هو ( لم يعقلوا ) أي : رجال القبيلة ( عنه ) أي : الجاني الذي لم يعلم من أي بطونها ، فلو قتل قرشي ولم يعلم من أي بطون قريش لم تعقل قريش عنه كما لا يرثونه لتفرقهم وصيرورة كل قوم منهم ينتسبون إلى أب أدنى يتميزون به

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية