الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
باب بضاعة المفاوض قال : ( ولأحد المتفاوضين أن يبيع بضاعة مع رجل ، وأن يدفع مضاربة ، وأن يودع ) ، وقد بينا أن شريك العنان يملك هذا ; فالمفاوض أولى لأنه أعلم تصرفا منه . قال : ( وليس له أن يقرض ; لأن الإقراض تبرع ) ، وكل واحد من المتفاوضين إنما قام مقام صاحبه في التجارة في مال الشركة دون التبرع . ألا ترى أنه لا يملك الهبة ولا الصدقة في نصيب صاحبه ، . فالاقتراض في كونه تبرعا كالصدقة أو فوقه . قال - صلى الله عليه وسلم - { : الصدقة بعشرة أمثالها ، والقرض بثمانية عشر } . وقيل : إنما جعل الثواب في القرض أكثر ; لأن ملتمس القرض لا يأتيك إلا محتاجا ، والسائل للصدقة قد يكون غير محتاج .

( وذكر ) الحسن أن على قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى : لأحد المتفاوضين أن يقرض مال المفاوضة من رجل ، ويأخذ منه ما يتحققه به . " وعند أبي يوسف رحمه الله تعالى " : ليس له ذلك . وجعل هذا بمنزلة الكفالة من حيث إنه متبرع في الأداء ، ولكن يرجع بمثله . كما أن الكفيل متبرع في الالتزام ، ولكن يرجع بمثل ما يؤدي . ثم من أصل أبي حنيفة رحمه الله تعالى أن أحد المتفاوضين إذا كفل بمال يلزم شريكه ، ويجعل معنى المفاوضة في ذلك راجحا لذلك الإقرار . " وعندهما " : كفالة أحد المتفاوضين لا يلزم شريكه . وجعلا معنى التبرع فيه راجحا لذلك في الإقرار . قال : ( فإن أقرض أحدهما فهو ضامن نصف ما أقرض لشريكه ) ; لأنه متعد في نصيب شريكه بتصرفه في المال على غير ما هو مقتضى الشركة ، ولكن لا يفسد ذلك المفاوضة ; لأن المضمون له إنما اختص بملك دين ، وذلك غير مفسد للمفاوضة ما لم يقبضه ، ولأن المقترض مستوجب مثل ذلك عن المستقرض ; فكانت المساواة بينهما قائمة .

التالي السابق


الخدمات العلمية