الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( تنبيه ) هل يأتي الصلح بمعنى السلم فيما إذا قال المقر صالحتك عن هذا الذي أقررت به لك بثوب صفته كذا في ذمتي أو قال له المقر له صالحتك عن هذا الذي أقررت لي به بثوب صفته كذا في ذمتك فالذي جرى عليه الإسنوي ومن تبعه كالشارح وقال إنما سكت الشيخان عنه لظهوره وشيخنا وغيرهما أنه يأتي بمعناه ونقله الإسنوي وغيره عن ابن جرير ولم يبالوا بكونه صار صاحب مذهب مستقل كالمزني حتى لا تعد تخريجاته وجوها والذي اقتضته عبارة الروضة كما اعترف به الإسنوي وغيره وقول الشارح سكتا عنه أي : عن التصريح به أنه في المثالين المذكورين بيع ويؤيده ما مر في السلم في بعتك ثوبا صفته كذا بهذا فالشيخان على أنه بيع [ ص: 189 ] لعدم لفظ السلم وأكثر المتأخرين على أنه سلم نظرا للمعنى وللأولين أن يفرقوا بين لفظ الصلح والبيع بأن البيع حيث أطلق إنما ينصرف لمقابل السلم لاختلاف أحكامهما فهو أعنى البيع لا يخرج عن موضوعه لغيره فإذا نافى لفظه معناه غلب لفظه ؛ لأنه الأقوى وأما لفظ الصلح فهو موضوع شرعا لعقود متعددة بحسب المعنى لا غير وليس له موضوع خاص ينصرف إليه لفظه حتى تغلبه فيه فتعين فيه تحكيم المعنى لا غير وبه اتضح الأول فتأمله .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله كالشارح ) عبارة شرح م ر وقول الشارح فهو سلم أي : حقيقة إن كان بلفظه وإلا فحكما [ ص: 189 ] قوله أي : عن التصريح به ) أي : والسكوت عن التصريح به صادق مع اقتضاء عبارة الروضة خلافه .

                                                                                                                              ( قوله لاختلاف أحكامهما ) في هذا التعليل نظر .

                                                                                                                              ( قوله فإذا نافى لفظه معناه إلخ ) هذا يقتضي أن لفظ البيع ينافي الوصف بصفات السلم وقد يمنع ذلك وقد يؤيد المنع بأنه لو نافاها لم ينعقد فليتأمل وقد مر في باب السلم أنه لو أسلم إليه ماله في ذمته لم يصح لتعذر قبضه من نفسه فيحمل ما هنا على ما إذا كان المدعى به عينا ويكون قبضها بمضي زمن يمكن فيه القبض .

                                                                                                                              وأما تخصيص ما تقدم بغير لفظ فبعيد جدا لا وجه له تأمل .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله وقال ) أي : الشارح المحلي ( قوله عنه ) أي : عن قوله على دين ا هـ ع ش ( قوله وشيخنا إلخ ) عطف على الشارح ( قوله أنه إلخ ) خبر فالذي إلخ ( قوله يأتي إلخ ) أي : يأتي لفظ الصلح بمعنى السلم ( قوله ونقله ) أي : الإتيان بمعناه ( قوله بكونه ) أي : ابن جرير ( قوله كما اعترف به ) أي بالاقتضاء ( قوله وقول الشارح ) عطف على عبارة الروضة ويحتمل على الإسنوي ( قوله سكتا ) أي : الشيخان ( قوله به ) أي : بالصلح على الدين ( قوله في المثالين المذكورين ) أي في أول التنبيه ( قوله بيع إلخ ) وفاقا للنهاية وخلافا للمغني ( قوله ويؤيده ) أي : أن الصلح فيهما بيع ( قوله في بعتك إلخ ) بدل بعض من قوله في السلم ( قوله فالشيخان إلخ ) تفصيل لما مر في السلم ( قوله على أنه ) أي : جريا [ ص: 189 ] على أن لفظ بعتك ثوبا إلخ ( قوله وللأولين ) بفتح النون أي : الإسنوي ومن تبعه ا هـ كردي ( قوله لاختلاف أحكامهما ) في هذا التعليل نظر ا هـ سم ( قوله فإذا نافى لفظه معناه إلخ ) هذا يقتضي أن لفظ البيع ينافي الوصف بصفات السلم وقد يمنع ذلك وقد يؤيد المنع بأنه لو نافاه لم ينعقد فليتأمل ا هـ سم ( قوله لعقود إلخ ) أي : لمعنى مشترك بينها ( قوله اتضح الأول ) أي : إتيان الصلح بمعنى السلم .




                                                                                                                              الخدمات العلمية