الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                      كشاف القناع عن متن الإقناع

                                                                                                                      البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( ولا تثبت ) الشفعة ( إلا بشروط خمسة ) أحدها : أن يكون الشقص المنتقل عن الشريك ( مبيعا أو مصالحا به صلحا بمعنى البيع ) بأن يقر له بدين أو عين فيصالحه عن ذلك بالشقص ( أو ) يكون الشقص ( مصالحا به عن جناية موجبة للمال ) كقتل الخطأ وشبه العمد وأرش الجناية ونحوها ( أو ) يكون الشقص ( موهوبا هبة مشروطا فيها الثواب ) أي : عوض ( معلوم ) ; لأن الشفيع يأخذه بمثل الثمن الذي انتقل به إلى المشتري ولا يمكن هذا في غير المبيع .

                                                                                                                      وألحق بالبيع المذكورات بعده ; لأنها بيع في الحقيقة لكن بألفاظ أخر ( فلا شفعة فيما ) أي : في شقص ( انتقل ) عن ملك الشريك ( بغير عوض بحال ) أي : لا مالي ولا غيره ( كموهوب ) بغير عوض ( وموصى به وموروث ونحوه ) كدخوله في ملكه بطلاق قبل الدخول بأن أصدقت امرأة أرضا وباعت نصفها ثم طلقها الزوج قبل الدخول فإنه يرجع إليه النصف الباقي في ملكها ولا شفعة للمشتري من المرأة عليه .

                                                                                                                      ( ولا ) شفعة أيضا ( فيما عوضه غير مال كصداق وعوض خلع ) أو طلاق أو عتق ( وصلح عن دم عمد ) ; لأن ذلك ليس له عوض يمكن الأخذ به فأشبه الموهوب والموروث وفارق البيع ; لأنه يأخذ بعوضه فلو جنى جنايتين عمدا أو خطأ فصالحه منهما على شقص أخذ بها في نصف الشقص أي : ما يقابل الخطأ دون باقيه ; لأن الصفقة جمعت ما فيه شفعة وما لا شفعة فيه فوجبت فيما تجب فيه دون الآخر .

                                                                                                                      كما لو باع شقصا وسيفا ومن قال لأم ولده : إن خدمت ولدي حتى يستغني فلك هذا الشقص فخدمته إلى الفطام استحقته ولا شفعة فيه ; لأنه موصى به بشرط .

                                                                                                                      ( و ) لا شفعة أيضا في ( ما ) أي : شقص ( أخذه ) المنتقل إليه ( أجرة أو جعالة أو ثمنا في سلم ) إن صح جعل العقار رأس مال سلم ( أو عوضا في كتابة ) ; لأنه لا يمكن الأخذ بقيمة الشقص ولأنها ليست بعوضه في المسائل الأربع ولا بقيمة مقابله من النفع والعين وأيضا الخبر وارد في البيع وليست هذه في معناه ورد الحارثي ذلك وصحح جريان الشفعة قولا واحدا .

                                                                                                                      ( ومثله ) أي : مثل ما عوضه غير مال ( ما ) أي : شقص ( اشتراه الذمي بخمر أو خنزير ) ; لأنهما ليسا بمال ( ولا تجب ) الشفعة ( بفسخ يرجع به الشقص إلى العاقد ) أي : البيع ( كرده ) أي : رد المشتري الشقص ( بعيب أو مقابلة أو لغبن أو اختلاف [ ص: 138 ] متبايعين ) في الثمن أو خيار مجلس أو شرط أو تدليس ; لأن الفسخ رفع لعقد فليس بيعا ولا في معناه .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية