الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
2008 - حدثنا عبد الله ، حدثني أبي ، حدثنا هشام بن القاسم ، حدثنا سليمان ، يعني ابن المغيرة ، حدثني سعيد الجريري ، عن أبي نضرة ، عن أسير بن جابر قال : كان يحدث بالكوفة فيحدثنا فإذا فرغ من حديثه قال : تفرقوا ويبقى رهطه فيهم رجل يتكلم بكلام لا أسمع أحدا يتكلم كلامه فأحببته فقدمته ، فقلت لأصحابي : هل تعرفون رجلا كان يجالسنا كذا وكذا ؟ فقال رجل من القوم : نعم أنا أعرفه ذاك أويس القرني قال : فتعلم منزله ؟ قال : نعم قال : فانطلقت معه حتى ضربت حجرته فخرج إلي قال : قلت : يا أخي ما يحبسك عنا ؟ قال : العري وكان أصحابه يسخرون به ويؤذونه قال : قلت : خذ هذا البرد فالبسه قال : لا تفعل فإنهم إذا يؤذونني إن رأوه علي فلم أزل به حتى لبسه فخرج عليهم ، فقالوا : من ترون خدع عن برده هذا ؟ قال فجاء فوضعه قال : أترى ؟ قال أسير : فأتيت المجلس فقلت : ما تريدون من هذا الرجل قد آذيتموه ؟ الرجل يعرى مرة ويكسى مرة قال : فأخذتهم بلساني أخذا شديدا قال : فقضى أن أهل الكوفة وفدوا إلى عمر رضي الله عنه فوفد رجل ممن كان يسخر به قال عمر : هل هاهنا أحد من القرنيين ؟ قال : فجاء ذلك الرجل قال : فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال : " إن رجلا يأتيكم من اليمن يقال له أويس لا يدع باليمن غير أم له وقد كان به بياض فدعا الله فأذهبه إلا مثل موضع الدينار أو الدرهم ، فمن لقيه منكم فأمروه فليستغفر لكم " قال : فقدم علينا قال : قلت : من أين ؟ قال من اليمن قال : قلت : ما اسمك ؟ قال : أويس قال : فمن تركت باليمن ؟ قال : أما لي قال : أكان بك بياض فدعوت الله فأذهبه عنك ؟ قال " : نعم قال : استغفر لي قال : أويستغفر مثلي لمثلك يا أمير المؤمنين ؟ قال : فاستغفر له قال : قلت : أنت يا أخي لا تفارقني قال : فأملس مني قال : فأنبئت أنه قدم عليكم الكوفة قال : فجعل ذلك الرجل الذي يسخر به يحقره قال : يقول : ما هذا فينا ولا نعرفه ، فقال عمر : بلى : فقال الرجل : إنه رجل كأنه يضع شأنه فقال : فينا يا أمير المؤمنين رجل يقال له أويس نسخر به قال : أدرك ولا أراك تدرك قال : فأقبل ذلك الرجل حتى دخل عليه قبل أن يأتي أهله فقال له أويس : ما هذه [ ص: 278 ] بعادتك فما بدا لك ؟ قال : سمعت عمر يقول فيك كذا فاستغفر لي يا أويس قال : لا أفعل حتى تجعل لي عليك أن لا تسخر بي فيما بعد وأن لا تذكر الذي سمعته من عمر إلى أحد قال : فاستغفر له ، قال أسير : فأتيته فدخلت عليه ليلة فقلت : يا أخي أراك تغيب ونحن لا نشعر قال : ما كان في هذا ما أتبلغ به في الناس وما يجزى كل عبد إلا بعمله قال : ثم أملس منهم فذهب " .

التالي السابق


الخدمات العلمية