الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
425 - حدثنا عبد الله ، حدثني أبي ، حدثنا إسماعيل بن عبد السلام حدثني عبد الصمد بن معقل ، حدثني وهب بن منبه أن حزقيل ، كان فيمن سبا بختنصر مع دانيال ببيت المقدس ، فزعم حزقيل أنه كان نائما على شاطئ الفرات ، فأتاه ملك ، وهو نائم ، فأخذ برأسه ، فاحتمله حتى وضعه في خزانة بيت المقدس ، قال : فرفعت رأسي إلى السماء ، فإذا السماوات منفرجات دون العرش ، قال : فبدا لي العرش ، ومن حوله ، فنظرت إليهم من تلك الفرجة ، فإذا العرش إذ نظرت إليه مظلا على السماوات والأرض ، وإذا نظرت إلى السماوات والأرض رأيتهن معلقات ببطن العرش ، وإذا الحملة أربعة من الملائكة ، لكل ملك منهم أربعة وجوه : وجه إنسان ، ووجه نسر ، ووجه أسد ، ووجه ثور ، فلما أعجبني ذلك منهم ، نظرت إلى أقدامهم ، فإذا هم في تخوم الأرض ، على عجل تدور لها أعين ، قال : وإذا ملك قائم بين يدي العرش له ستة أجنحة ، لها لون كلون فرع ، فلم يزل ذلك مقامه ، منذ خلق الله عز وجل الخلق إلى أن تقوم الساعة ، فإذا هو جبريل .

قال : وإذا ملك أسفل من ذلك ، أعظم شيء رأيته من الخلق ، قال : فإذا هو ميكائيل ، وهو خليفة على ملائكة السماء ، وإذا ملائكة يطوفون بالعرش ، منذ خلق الله عز وجل الخلق إلى أن تقوم الساعة ؛ يقولون : قدوس ، قدوس ، ربنا الله ، الذي ملأت عظمته السماوات والأرض ، وإذا ملائكة أسفل من ذلك ، لكل ملك منهم ستة أجنحة ؛ جناحان يستر بهما وجهه من النور ، وجناحان يغطي بهما جسده ، وجناحان يطير بهما ، وإذا هم الملائكة المقربون ، قال : وإذا ملائكة أسفل من ذلك ؛ منهم الساجد ، ومنهم القائم ، لم يزالوا كذلك منذ خلق الله الخلق ، إلى أن تقوم الساعة ، قال : وإذا ملائكة أسفل من ذلك ؛ سجود منذ خلق الله الخلق ، إلى أن ينفخ في الصور ، رفعوا رؤوسهم ، فإذا نظروا إلى العرش ، قالوا : سبحانك ، ما كنا نقدرك حق قدرك ثم رأيت العرش تدلى من تلك الفرجة ، فكان قدرها ، ثم أفضى بي إلى ما بين السماء والأرض ، وكان ملء ما بينهما ، ثم دخل من باب الرحمة ، فكان [ ص: 70 ] قدره ، ثم أفضى بي إلى المسجد ، فكان قدره ، ثم وقع على الصخرة ، فكان قدرها ، ، قال : يا ابن آدم ، قال : فصعقت ، وسمعت صوتا لم أسمع مثله قط ، قال : فذهبت أقدر ذلك الصوت ، فإذا قدره كعسكر اجتمعوا ، فأجلبوا بصوت واحد ، وكيفية اجتمعت ، فتدافعت ولقي بعضها بعضا ، أو هو أعظم من ذلك ، قال حزقيل : فلما صعقت قال : أنعشوه ؛ فإنه ضعيف ، خلق من ضعف ثم قال : اذهب إلى قومك ، فأنت طليعتي عليهم ؛ كطليعة الجيش ، من دعوته منهم ، فأجابك ، واهتدى بهداك ، فلك مثل أجره ، ومن غفلت عنه ، حتى يموت ضلالا ، فعليك مثل وزره ، لا يخفف ذلك من أوزارهم شيئا .

قال : ثم عرج بالعرش ، واحتملت ، حتى رددت إلى شاطئ الفرات ، فبينا أنا نائم على شاطئ الفرات ، إذ أتاني ملك فأخذ برأسي ، فاحتملني ، حتى أدخلني جنب بيت المقدس ، فإذا أنا بحوض ماء ، لا يجوز قدمي ، قال : ثم أفضيت منه إلى الجنة ، فإذا شجرها على شطوط أنهارها ، وإذا هو شجر لا يتناثر ورقه ، ولا يفنى ثمره ، وإذا فيه الطلع ، والغض ، والينيع ، والقطيف ، قال : قلت : فما لباسها ؟ قال : هو ثياب كنبات الجوز ؛ ينفلق عن أي لون شاء صاحبه قلت : ما أزواجها ؟ قال : فعرضن علي ، فذهبت لأقيس حسن وجوههن ، فإذا هن لو جمع الشمس والقمر ، كان وجه إحداهن أضوأ منهما ، وإذا لحم إحداهن لا يواري عظمها ، وإذا عظمها لا يواري مخها ، وإذا هي إذا نام عنها صاحبها ، استيقظ وهي بكر ، قال : فعجبت من ذلك ، قال حزقيل : فقيل لي : أتعجب من هذا ؟ قال : قلت : وما لي لا أعجب ؟ قال : فإنه من أكل من هذه الثمار التي رأيت خلد ، ومن تزوج من هذه الأزواج انقطع عنه الهم والحزن ، قال : ثم أخذ برأسي ، فردني إلى حيث كنت ، قال حزقيل : فبينا أنا نائم على شاطئ الفرات ، إذ أتاني ملك ، فأخذ برأسي ، فاحتملني ، حتى وضعني في بقاع من الأرض ، قد كانت معركة ، وإذا فيه عشرة آلاف قتيل ، قد بددت الطير والسباع لحومهم ، وفرقت بين أوصالهم .

ثم قال لي : إن قوما يزعمون أنه من مات منهم ، أو قتل فقد انفلت مني ، وذهبت عنه قدرتي ، فادعهم ، قال حزقيل : فدعوتهم ، فإذا كل عظم قد أقبل إلى مفصله الذي منه انقطع ؛ ما الرجل بصاحبه بأعرف من العظم بمفصله الذي فارقه ، حتى أم بعضها بعضا ، ثم نبت عليها اللحم ، ثم نبتت العروق ، ثم انبسطت الجلود ، وأنا أنظر إلى ذلك ، ثم قال : ادع لي أرواحهم ، قال حزقيل : فدعوتها ، قال : فإذا كل روح قد أقبل إلى جسده الذي فارق ، قال : فلما جلسوا ، قال : سلهم فيما كنتم ؟ قالوا : إنا لما متنا ، وفارقتنا الحياة لفينا ملكا يقال له : ميكائيل ، فقال : هلموا أعمالكم ، وخذوا أجوركم كذلك سنتنا فيكم ، وفيمن كان قبلكم ، وفيمن هو كائن بعدكم ، قال : فنظر في أعمالنا ، فوجدونا نعبد الأوثان ، فسلط الدود على أجسادنا ، وجعلت الأرواح تألمه ، وسلط الغم على أرواحنا وجعلت أجسادنا تألمه ، فلم نزل كذلك نعذب ، حتى دعوتنا ثم احتملني ، فردني حيث كنت " .

التالي السابق


الخدمات العلمية