الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
43 - (ومن كتاب العرش قال أحمد ، ثنا محمد بن سعد بن الحسين ، ثنا أحمد بن إبراهيم الموصلي ، ثنا الربيع بن سليمان ، عن حفص بن عبد الله ، عن عثمان بن عطاء الخرساني عن أبيه) ، عن أبي سفيان الألهاني ، عن تميم الداري ، قال : سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن معانقة الرجل الرجل ، إذا هو لقيه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أول من عانق خليل الله إبراهيم ، وذلك أنه خرج يرتاد لماشيته في جبل من جبال بيت المقدس ، فسمع صوتا يقدس الله فذهل عما كان يطلب ، وقصد (قصد) الصوت ، فإذا هو برجل أهلب ، (طوله ثمانية عشر) ذراعا يقدس الله ، فقال له إبراهيم : يا شيخ ، من ربك ؟ (قال) : الذي في السماء . قال : من رب من في السماء ؟ قال : الذي في السماء ، قال : وما فيهما إله غيره ؟ قال : لا إله إلا هو رب من في (السماء) ، ورب من في الأرض . قال : يا شيخ هل معك أحد من قومك ؟ قال : ما علمت أن أحدا من قومي بقي غيري ، قال : فما طعامك ؟ قال : أجمع من ثمر هذا الشجر في الصيف ، فآكله في الشتاء ، قال : فأين قبلتك ؟ فأومأ إلى قبلة إبراهيم عليه السلام . قال : أين منزلك ؟ قال في تلك المغارة ، قال : فانطلق إلى بيتك ، قال : إن بيني وبين بيتي واديا لا ينخاض ، قال : فكيف تعبره ؟ قال : أعبر على الماء ذاهبا ، وأعبر عليه جائيا . فقال إبراهيم : انطلق فلعل الذي يذلله لك ، يذلله لي ، فانطلقا فأتيا الماء فمشى كل واحد على الماء يعجب مما أوتي صاحبه ، (فدخلا) إلى الغار ،

[ ص: 141 ] (فنظر إبراهيم ) ، فإذا قبلته قبلته ، فقال له إبراهيم : يا شيخ ، أي يوم أعظم ؟ قال : يوم يضع الله كرسيه للحساب ، يوم تؤمر جهنم أن تزفر زفرة لا يبقى لها ملك مقرب ، ولا نبي مرسل إلا خر ساجدا تهمه نفسه من هول ذلك اليوم ، قال إبراهيم : يا شيخ : ادع الله أن يؤمنني وإياك من هول ذلك اليوم ، قال : وما يصنع بدعائي ، إن لي دعوة محبوسة في السماء منذ ثلاث سنين لم أرها ، قال له إبراهيم : ألا أخبرك ما حبس دعاءك ؟ قال : بلى ، قال : إن الله عز وجل إذا أحب عبدا أخر مسألته لحبه صوته ، وإذا أبغض عبدا عجل مسألته ، أو ألقى الأياس في صدره ، فما دعوتك المحبوسة في السماء منذ ثلاث سنين ؟ قال : مر بي في هذا المكان شاب له ذؤابة في رأسه ، معه غنم كأنما خشيت ، وبقر كأنما دهنت ، قلت : بالله لمن هذه ؟ قال : لخليل الله إبراهيم عليه السلام ، فقلت : اللهم إن كان لك خليل في الأرض فأرينه قبل خروجي من الدنيا ، فقال إبراهيم : قد أجيبت دعوتك ، فاعتنق هو وإبراهيم ، وكان قبل ذلك السجود ، يسجد هذا لهذا ، وهذا لهذا إذا لقيه ، ثم جاء الإسلام بالمصافحة ، فلا تفترق الأصابع حتى يغفر لكل واحد منهما ، والحمد لله الذي وضع عنا الآصار .


[ ص: 142 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية