الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

النص الشرعي وتأويله (الشاطبي أنموذجا)

الدكتور / صالح سبوعي

الخاتمة

أولا: نتائج البحث

هاهو البحث يصـل إلى خاتمته بعد جولة مجهدة ممتعة في فكر علم من أعلام الأمة الشوامخ، وهو أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي، رحمه الله.

ويخلص البحث بذلك إلى أن جل جهوده واجتهاداته من خلال تأصيله لأصول الفقه وتنظيره له، إنما قصد من ورائها وضع أسس ومبادئ للفهم الصحيح السليم يمكن أن يصل بها المتعاملون مع النص اللغوي الشرعي إلى فهم أقرب إلى المراد والمبتغى، ومن ثم استنباط أحكام شرعية يراعى فيها الفهم الصحيح المراعي لمقاصد الشارع من وضع الشريعة وإرسال الرسل.

وبالمقابل فإن التمسك في فهم النص بتـلك الأسس والمبادئ التي تم اسـتخلاصها من خلال استقراء جملة ما نشر له من أعمال ومؤلفات، [ ص: 155 ] قـد يقـود إلى الاتفـاق والألفـة بين علماء الأمـة وأفرادها، وتبعـد عنهم الخـلاف الذي ينتج في الغـالب من سـوء الفهم، وبالتالي فساد الاستنباط.

ومن أهم المبادئ والأسس التي تم استنباطها، وكان إلحاح الشاطبي، رحمه الله، عليها إلحاحا شـديدا مراعـاة معهود الأمة المراد تحليل نصها اللغوي؛ فلا يمكن التعامل مع النص الشرعي فهما واستنباطا، من خلال لغة أخرى غير اللغة العربية، إذ بها نزل القرآن، وعلى أمة عربية نزل، واللغات عامة تبع للسان العرب في فهم كتاب الله تعالى، والوقوف على معانيه، ولا يمكن فهمه إلا من طريق اعتبار ألفاظ العرب ومعانيها وأساليبها، أي معهودها في لغتها.

ومن المبادئ التي كان لها نصيـب من الاهتمام مراعاة النظرة الكلية الشاملة التي تشـمل ربط الجزئيات بعضـها ببعض، مع ما يحيط بها من ظروف وأحـوال وذلك كفـيل بمسـاعدتنا في إدراك مقاصد النص اللغـوي، أعني فهم مقاصـد الرسـالة المحملة بواسطـة اللغة. وأما النظرة الجزئية للنص فإنها لا تكسـبنا إلا فهما ناقصـا ضرره أكبر من نفعه. [ ص: 156 ] وقد خلص البحث إلى أن للشاطبي، رحمه الله، آراء لغوية تجاوزت حدود عصرها، وتلتقي مع آراء لغوية نعدها حديثة. فقد تطرق إلى قضايا الدلالة ومباحثها، مثل علاقة اللفظ بالمعنى، والمعنى الإفرادي، والمعنى التركيبي، والسياق وأثره في الوقـوف على المعـنى. وإن اللغـة عنده كل مـتكامل، وليسـت أجزاء متفرقة؛ تتحـد أجزاؤها وفروعها لتشكل علم اللسـان الذي هـو عـنده «فرض علم» [1] تتوقف عليه صحة الاجتهاد.

وتبين لنا أن الفكر المقصدي المعتمد على إدراك مقاصد الشارع متحكم في فكره اللغوي؛ إذ أنه كان يتصور أن الشارع ما أنزل نصوصه اللغوية التشريعية إلا لجلب مصلحة أو درء مفسدة، ومن المعلوم أن النصوص عموما لا تخلو من مقصد، وعلى أساسه كان تشكيل النص، وصياغته على الشكل الذي صيغ به.

وتبين من خلال التطبيقات إمكان ترجمة آراء الشاطبي اللغوية إلى مناهج تحليلية تعين في فهم المقصد من النص، سواء كان الانتقال من النص إلى المقصد، أم من المقصد إلى النص. [ ص: 157 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية