الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
- وظيفة اللغة

وهي إيصال المعنى، وتبليغه إلى ذهن السامع أو المتلقي. ومن هـنا يجب « اجتناب كل صيغة تخرج الذهن عن أصل المعنى، أو تشوش عليه؛ إذ المقصود الوصول في بيان المعنى إلى أقصاه، والإتيان بما يحصله في الذهن، وتحري كل صيغة تمكن المعنى في الذهن، وتحرض السامع على الاستماع» [1] . وإن اللغة ذاتها -والمقصود هـنا اللغة العربية- تعد من مقومات اللسان، والأفهام [2] ؛ إذ إنها قد تقوم لسان متعلمها، وتصوب فهمه. وبالمقابل يمكن أن تكون خير كاشف، ودليلا على شخصية مستعمليها، ونسبهم؛ إذ بحسب نظرتهم للغة، ومقاصدهم منها، يكون استعمالهم لها، وكيفية توظيفهم لأدواتها، تكون شخصيتهم اللغوية [3] ، وتندرج هـذه الإشارة في بيان علاقة التأثير والتأثر الحاصلة بين اللغة والفكر.

وإن الآراء والإشارات اللغوية التي جاءت موزعة في ثنايا مؤلفات الشاطبي، رحمه الله، يمكن أن يستخلص منها جملة مبادئ، وأسس تكون عونا لنا في الوقوف على مقاصد النصوص اللغوية عموما، والنصوص الشرعية خصوصا، وهذه المبادئ والأسس هـي: [ ص: 57 ] 1- اللغة لها أهمية في الدلالة واستنباط الأحكام؛ وذلك بما تقدمه الأدوات اللغوية الوظيفية من معنى وظيفي تحدده عناصره (الصوتيات، والصرف، والنحو) ، ثم المعنى المعجمي الذي يتحدد بالمعجم، وهو معنى ناقص تكمله عناصر أخرى [4] .

2- انطلاقا من أن اللغة عرفية اصطلاحية وضعية، يجب مراعاة ذلك الاصطلاح، ومعهود استعمال أهل تلك اللغة، وطرائق التعبير عن معانيهم، وسـبل تصريفها، حتى يسهل الوقوف على المقصد. فكما أنه لا يفهم لسان العرب عن طريق لسان العجم، فكذلك لا يفهم لسان العجم عن طريق لسان العرب [5] .

3- تراعى النظرة الكلية التي تربط بين أجزاء النص، وما يحيط به من قرائن، وأحـوال ( وهي أسباب النـزول في النص الشرعي) . وفي استنباط الأحكام يراعى أنها تقوم على الكلية لا على الجزئية، وما جاء جزئيا فمأخذه على الكلية [6] . [ ص: 58 ] 4- لا تكلف في الألفاظ والمعاني، ولا محاولة تحميلها مالا تحـمل، إلا بالقدر الذي يوقفنا على المقصد المرام. فالتفقه إنما يكون في المعاني، والمقاصد دون الألفاظ، والعبارات. والاهتمام بهذه الأخيرة (الألفاظ والعبارات) لا يكون إلا بقدر ما تؤديه من معنى [7] .

5- استنباط الحكم من النص الشرعي يبدأ -حسبما تقرر- بتحديد المقصود منه لغويا، فإذا تقرر فهم القضية على أساس اللغة، ينتقل إلى استنباط الحكم في ضوء ما تمليه مقاصد الشريعة، مع مراعاة قرائن الأحوال [8] .

6- للسياق أهميته في تحديد الدلالة، أو المعنى المراد، وفي ربط أجزاء الكلام بعضها ببعض [9] .

7- من واجـب الناظر في الشريعـة، استحضار معانيها وحكمها (مقاصدها) ، حتى يتم النظر على أحسن وجه وصورة، وتفهم الأحكام، وتستنبط وفق ما ارتبطت به من علل، وأسرار [10] . [ ص: 59 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية