الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            المبحث الأول

            مفهوم الحكم الراشد

            - أولا: التعريف اللغوي:

            سيتم فيما يلي تعريف الحكم الراشد كمفهوم، سـواء في اللغة أو في الاصطلاح:

            ينقسم هذا المصطلح إلى شقين:

            الشق الأول: الحكم، ورد المعنى اللغوي في قواميس اللغة العربية على النحو التالي: (الحكم) [1] بضم الحاء وتسكين الكاف وضم الميم، العلم والتفقه.. (حكم) [2] بفتح الحاء وضم الكاف، حكما، أي صار حكيما.

            الشق الثاني: (الرشد) [3] : وفي القانون السن التي إذا بلغها المرء استقل بتصرفاته، وهي كذلك رجحان العقل أو يكون مسؤولا عن أفعاله، سواء من وجهة نظر القانون أو من وجهة نظر المجتمع، و (الراشد): المستقيم على طريق لا يحيد عنه، ومنه الخلفاء الراشدون. [ ص: 115 ]

            (الرشيد) من أسماء الله الحسنى؛ ويعني حسن التقدير، في حين يأتي معنى (الرشد): عند الفقهاء: أن يبلغ الصبي حد التكليف، صالحا في دينه مصلحا لماله. وهو العقل، والعاقل المسؤول عن أفعاله.

            فالحكم الراشد من خلال المعنى اللغوي، يؤكد على معاني الاستقامة والعلم وحسن التقدير.

            ثانيا: التعريف الاصطلاحي:

            يشير مفهوم "الحكم" إلى ممارسة السلطة السياسية والاقتصادية والإدارية، على جميع مسـتويات الدولة والمجتمع المدني والقطاع الخـاص، كما يعنى بآثار ونتائج التنمية طويلة الأمد وعلى أجيال متعددة. والحكم يشمل الدولة

            [4] ، غير أنه يتجاوزها ليضم القطاع الخاص والمجتمع المدني.

            وهذه العناصر الثلاثة تتسم بأهمية بالغة للتنمية البشرية المستدامة. فالدولة هي من تخلق البيئة السياسية والقانونية المواتية، والقطاع الخاص يولد الوظائف والدخل، أما المجتمع المدني فيسهل عملية التفاعل السياسي والاجتماعي، بتعبئته الجماعات من أجل المشاركة في الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. [ ص: 116 ]

            ونظرا لأن لكل عنصر من العناصر الثلاثة نقاط قوته وضعفه، فإن أحد الأهداف الرئيسة للحكم الراشد يتمثل في دعم التفاعل بين العناصر الثلاثة جميعها [5] .

            ويختلف مفهوم الحكومة Government)) عن مفهوم الحوكمة (Governance) ، وقد تم استخدام مصطلحات عديدة في الكتابات العربية لترجمة المصطلح الأجنبي ومنها هذا المصطلح، وأيضا الحكم الجيد، أو الحكم الصالح، أو الحكم الرشيد.

            فإذا كانت الحكومة تشير إلى المؤسسات الرسمية للدولة والتي في ظلها تتخذ القرارات في إطار إداري وقانوني محدد، وتستخدم الموارد بطريقة تخضع للمساءلة المالية، فإن مفهوم الحوكمة (Governance) يشتمل على الحكومة بالإضافة إلى هيئات أخرى عامة وخاصة، لتحقيق نتائج مرغوبة [6] .

            وهناك تعريف آخر؛ يرى أن الحكم فن قيادة المجتمعات والمنظمات.

            وهذا التصور يعود بكلمة الحكم إلى جذورها اليونانية وإلى الكلمة اليونانية to steer )) (قاد).

            وضمن الاتجاه نفسه، يعرف المعهد الدولي للعلوم الإدارية (International institute of Administration sciences) الحكم بأنه: "العملية التي بواسطتها يمارس أعضاء المجتمع السلطة (Authority) [ ص: 117 ] والقوة (Power) وقدرة التأثير السياسي (Influence) على السياسات والقرارات التي تتعلق بالحياة العامة الاقتصادية والتنمية الاجتماعية" [7] .

            ويركز هذا التعريف على الجانب التقني للحكم، كونه عملية إدارية لممارسة وتسيير السلطة في مجال صنع وتطبيق السياسات الاقتصادية والاجتماعية [8] . فمفهوم "الحكم" يشـير إلى عملية صنع القرار، والعملية التي تتبع لتنفيذ القرار.

            كما تعرف لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية، الحكم بأنه عملية اتخاذ القرارات، وعملية وضع تلك القرارات موضع التنفيذ.

            أما (الرشد)، فله مؤشرات يحددها التعريف الإجرائي، من أهمها: سيادة القانون، والشفافية، والاستجابة، والمشاركة، والإنصاف، والفعالية، والكفاءة، والمساءلة، والرؤية الاستراتيجية [9] وغيرها.

            وهذه المؤشرات للحكم الراشد، لا يمكن لأي نظام سياسي أن يقوم ويتمتع بالشرعية دون وجودها والتحقق من وجودها بالواقع الفعلي من خلال ممارستها. فغياب الحكم الراشد بعناصره، التي سبق ذكرها، في أي نظام ودولة، يؤدي بالضرورة إلى انتشار الفساد بكافة صوره وتركيز السلطات [ ص: 118 ] وغياب الشفافية وتجاهل حكم القانون [10] ، حيث يسيء هؤلاء الحكام استخدام السلطة من أجل تحقيق مصالحهم الشخصية، ولو على حساب المصلحة العامة والمصالح الوطنية للدولة.

            إذا، يمكن تعريف مفهوم "الحكم الراشـد"، على مستوى السلطة، بأنه: ممارسة السلطة، الاقتصادية، والسياسية، والإدارية، لإدارة الشؤون على كافة المستويات، وتضم الآليات والعمليات والمؤسسات، التي يمكن للأفراد والجماعات من خلالها التعبير عن مصالحهم، وممارسة حقوقهم القانونية والوفاء بالتزاماتهم وتسوية خلافاتهم.

            كما ارتبـط ظـهور المفـهوم، بتنفيذ أهـداف التنـمية وما يتصل بها من شروط سياسية، حيث تتحدث الهيئات الدولية المانحة عن "الحكم" بدلا من الحكومة، وإن اختلفت في ما قدمته من تعريفات لهذا المفهوم [11] .

            وعلى الجانب الآخر؛ هناك تعريفات أوسع استخدمت المفهوم بمعنى يضيف إلى "الحكومة" عناصر أخرى مثل: السياسات العامة، والمؤسسات، والنظام الاقتصادي، وأيضا دور القطاع غير الحكومي (الخاص، والمجتمع المدني) في إدارة الشأن العام. [ ص: 119 ]

            - ثالثا: التعريف الإجرائي والمؤشرات:

            من خلال ما سبق، فإن مفهوم "الحكم الراشد" يعني، وفقا لتقرير البنك الدولي، نوع العلاقة بين الحكومة والمواطنين، وليس مجرد التركيز على فعالية المؤسسات المتعلقة بإدارة شؤون الدولة والمجتمع، ولذلك يركز المفهوم على قيم المساءلة (Accountability)، والشفافية (Transparency)، وإمكانية التنبؤ (Predictability)، والمشـاركة الواسعة من جميع قطاعات المجتمع [12] .

            كما يشمل انخفاض مؤشرات الفساد، ووضع آراء الأقلية في الاعتبار، ذلك أن أصوات الفئات المهمشة في المجتمع يجب أن تسمع عند اتخاذ القرارات، ولا يتحقق ذلك إلا من خلال الحكم الراشد في الدول النامية، مما يساعد على فهم أشمل لعملية التنمية [13] ، الذي بدوره أدى إلى تقارب بين النهج الاقتصادي والنهج السياسي للتنمية [14] .

            مفهوم الحكم لا يحمل معيارا أوتوماتيكيا، ذلك أنه لا يفصح عن التوجهات والاستراتيجيات، ولا عن المعايير والأهداف. من هذا المنطلق فإن [ ص: 120 ] الانتقال من مفهوم الحكم إلى مفهوم الحكم الراشد يعني الاهتمام بالبعد المعياري المرتبط ببحث نوعية الحكم، والمحتوى الديمقراطي لذلك، حيث إن نظام الحكم الراشد يركز أكثر على متطلبات صنع القرار وصياغة السياسات العامة من خلال الاهتمام ببناء قدرات القطاع العام والاهتمام بالقواعد، التي من شأنها بناء إطار للشرعية، والكفاءة، والفعالية لإعداد السياسات، وتسيير الشؤون العامة بأساليب تتميز بالشفافية، والمساءلة، والمشاركة، والعدالة، وهذا ما يتطلب مشاركة فعالة في صنع السياسات، وفصلا فعالا بين السلطات، واحترام قواعد دولة القانون، والتأسيس لمراجعات وتوازنات مؤسسية من خلال آليات أفقية وعمودية للمساءلة. وذلك للوقوف ضد انتشار الفساد وأزمة الشرعية كمعايير خاصة بالحكم السيئ [15] .

            ففي وثيقة صدرت في يناير سنة 1997م، بعنوان: "الحكم من أجل التنمية البشرية المستدامة" Governance for sustainable human development

            [16] تم تعريف الحكم الراشد من طرف البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة بأنه: العمليات (Processes) والهياكل Structures))، التي تقود [ ص: 121 ] العلاقات (Relationship) السياسية والاجتماعية والاقتصادية بشفافية ومسؤولية [17] .

            ضمن هذه الوثيقة، تم تحديد تسع خصائص للحكم الراشد، هي [18] :

            1- المشاركة: (Participation):

            يقال في اللغة العربية: شارك في الشيء بمعنى كان له نصيب، فالمشاركة هي ربط بين الفردي والكلي. وتعني أي عمل تطوعي من جانب المواطن، بهدف التأثير على اختيار السياسات العامة، وإدارة الشؤون العامة أو اختيار القادة السياسيين على أي مستوى حكومي، أو محلي، أو قومي.

            كما يمكن تعريف المشاركة السياسية بأنها: مجموع النشاطات الجماعية، التي يقوم بها المحكومون، وتكون قابلة لأن تعطيهم تأثيرا على سير عمل المنظومة السياسية [19] .

            كما تعرف بأنها: تهيئة السبل والآليات المناسبة للمواطنين المحليين كأفراد وجماعات، من أجل المساهمة في عمليات صنع القرارات، إما بطريقة مباشرة، أو من خلال المجالس المنتخبة. [ ص: 122 ]

            وفي إطار التنافس على الوظائف العامة، يتمكن المواطنون من المشـاركة في الانتخابات واختيار الممثلين في مختلف مستويات الحكم. ويمكن أن تعني المشاركة أيضا: المزيد من الثقة وقبول القرارات السياسية من جانب المواطنين، الأمر الذي يعني زيادة الخبرات المحلية المشاركة في عملية التنمية [20] .

            2- حكم القانون: (Rule of law):

            وهي تأمين حماية حقوق الإنسان [21] بالنسبة للأفراد والجماعات بشكل متساو، وكذلك المساواة بينهم في العقاب بموجب القانون. وتعلو سيادة القانون على سلطة الحكومات. فهي تحمي المواطنين من أي إجراءات تعسفية قد تتخذها الدولة ضدهم، وتضمن معاملة جميع المواطنين على قدم المساواة وخضوعهم للقانون وليس لنزوات الأقوياء.

            كما يجب على القانون أن يوفر الحماية للجماعات الأكثر ضعفا وفقرا من الاستغلال والظلم وسوء المعاملة. ولتحقيق ذلك، يتوجب على الحكومات أن تخلق المؤسسات والأطر اللازمة للمحافظة على القانون والنظام، وتأسيس البنية التحتية الأساسية، لتوفير خدمات الصحة والتعليم، خصوصا للفقراء

            [22] . [ ص: 123 ]

            ويلقى سيادة القانون، كأحد معايير الحكم الراشد، رواجا واسعا على الصعيدين الوطني والدولي في "ميثاق الأمم المتحدة والقرارات الدولية".

            فعلى الصعيد الوطني، تقتضي سيادة القانون وجود حكومة مبنية على القوانين، وسمو القانون، والمساواة أمام القانون. أما على الصعيد الدولي، فتعني بصورة أساسية خضوع علاقات الدول إلى القانون الدولي، وخاصة ميثاق الأمم المتحدة والتزام المنظمة الدولية بقواعد قانونية مرجعية تكون أساسا لمدى مشروعية قراراتها [23] .

            3- الشفافية: Transparency)):

            تعني إتاحة تدفق المعلومات، وسهولة الحصول عليها لمن يطلبها من عناصر المجتمع المحلي، ومن شأن ذلك توفير الفرصة للحكم على مدى فعالية الأجهزة المحلية، وتعزيز قدرة المواطن على المشاركة [24] . فهي إحدى المصطلحات الحديثة، التي استخدمتها الجهات المختصة بمكافحة الفساد في العالم، معبرة عن ضرورة إطلاع الجمهور على منهج السياسات العامة وكيفية إدارة الدولة من قبل القائـمين عليها من رؤسـاء دول وحـكومات ووزراء وكافـة المعنـيـين في مؤسسات الدولة، بغية الحد من السياسات غير المعلنة، التي تتسم بالغموض وعدم مشاركة الجمهور فيها بشكل واضح. [ ص: 124 ]

            كما يمكن تعريف الشفافية بأنها: توفر المعلومات الدقيقة وتحديثها أولا بأول، وفي مواقيتها، وإفساح المجال أمام الجميع للإطلاع على القرارات في مجال السياسات العامة، وإبراز المعلومات الإحصائية حول السياسة المالية والنقدية والاقتصادية بشكل عام، وأهميتها في تصويب السياسات الاقتصادية

            [25] .

            فالشفافية مبدأ يستهدف خلق بيئة تكون فيها المعلومات المتعلقة بالظروف والقرارات والأعمال الحالية متاحة ومنظورة ومفهومة..

            وبشكل أكثر تحديدا، تعتبر الشفافية منهجية لتوفير المعلومات، وجعل القرارات المتصلة بالسياسة المتعلقة بالمجتمع معلومة من خلال النشر في الوقت المناسب، والانفتاح على كل الأطراف ذات الصلة.

            4- الاستجابة Responsiveness)):

            تعني الاستجابة أن تسعى الأجهزة المحلية إلى خدمة كافة الأطراف المعنية، والاستجابة لمطالبها، وخاصة الفقراء والمهمشين. وترتبط الاستجابة بدرجة المساءلة، التي تستند بدورها على درجة الشفافية وتوافر الثقة بين الأجهزة المحلية والمواطن المحلي [26] .

            5- الكفاءة والفعالية (Efficiency and Effectiveness):

            تتجلى الكفاءة والفعالية في البعد الفني لأسلوب الحكم المحلي، ويعني قدرة الأجهزة المحلية على تحويل الموارد المحلية إلى برامج وخطط ومشاريع تلبي [ ص: 125 ] احتياجات المواطنين المحليين، وتعبر عن أولوياتهم، مع تحقيق نتائج أفضل وتعظيم الاستفادة من الموارد المتاحة.

            6- الرؤية الاستراتيجية (Strategic Vision):

            ترتبط الرؤية الاسـتراتيجية بالكفاءة والفعالية، وتعني أن تكون لدى القادة والشعب آفاق واسعة وبعيدة المدى لتحقيق الحكم الراشد والتنمية البشـرية، وأن يكون لـديهم شـعور بالهدف المشـترك، الذي يـريـدونه من تـلك التـنميـة، مع فهم التعقيدات التاريخية والاجتماعية والثقافية، التي تتأسس عليها تلك الآفاق.

            7- المساءلة/المحاسبة (Accountability):

            يعرف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي المساءلة، بأنها:

            الطلب من المسؤولين تقديم التوضيحات اللازمة لأصحاب المصلحة حول كيفية استخدام صلاحياتهم وتصريف واجباتهم، والأخذ بالانتقادات التي توجه لهم، وتلبية المتطلبات المطلوبة منهم، وقبول (بعض) المسـؤولية عن الفشل وعدم الكفاءة أو عن الخداع والغش.

            وهي كذلك، التأكيد على أن صانع القرار في الأجهزة المحلية يخضع لمساءلة المواطنين والأطراف الأخرى ذات العلاقة.

            8- العدالة والإنصاف ( justice and equity):

            وتعني أن كل المواطنين في الدولة، لديهم فرص متساوية وعادلة، بغض النظر عن الاختلافات بينهم (رجالا ونساء)، وبغض النظر عن اللغة أو القبيلة والعشيرة... الخ. [ ص: 126 ]

            9- مبدأ التوافق Consensus Orientation)):

            يسعى الحكم الراشد لتسوية الخلافات لتحقيق التوافق حول المصالح والمنافع، التي تخدم الجماعة، وتوفير الإجراءات وصياغة السياسات الممكنة لتحقيقها.

            - الشركاء الثلاثة: الدولة/القطاع الخاص/المجتمع المدني:

            كل تلك الخصائص تقوم على التفاعل بين مكونات الحكم الثلاثة: (الحكومة)، القطاع الخاص (السوق) ومنظمات المجتمع المدني، حيث يضطلع كل طرف بوظائف وأدوار محددة.

            - الحكومة: الدولة:

            تعمل على إيجاد البيئة المساعدة ( (Enabling environment بمعنى إيجاد إطار قانوني وتشريعي مستقر وثابت، وفعال وعادل للأنشطة العامة والخاصة، إضافة إلى تعزيز الاستقرار والمساواة في السوق، والاهتمام بتقديم السلع، وتزويد الخدمات العامة بفعالية ومسؤولية.

            - القطاع الخاص والمجتمع المدني:

            القطاع الخاص، يقوم بمهمة توفير فرص العمل والتخفيف من البطالة، على هذا الأساس اعتمدت العديد من الدول استراتيجيات اقتصادية تتعلق بخصخصة المؤسسات الاقتصادية [27] . [ ص: 127 ]

            انطلاقا مما سبق، حدد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عام 1988م خمسة مجالات لترقية الحكم الراشد تتعلق بالمجالات التالية: المؤسسات الحاكمة (التشريعية، القضائية، والأجهزة الانتخابية)، تسيير القطاع العام والخاص، التنمية الحضرية، اللامركزية، ومشاركة منظمات المجتمع المدني [28] .

            ويقوم تصور برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للحكم الراشد، على مقاربة متعددة الجوانب، وهذا ما يظهر من التعريف والخصائص المحددة في وثيقة يناير 1997م

            [29] ، والمجالات الخمسة لترقية الحكم الراشد، حيث يتم الاهتمام بالجوانب السياسية والجوانب الاقتصادية والإدارية، وهو ما يتطابق مع الأوجه الثلاثة، التي حددها البرنامج لمفهوم الحكم: الحكم السياسي، الحكم الاقتصادي، والحكم الإداري.

            لكن هذا التوجه عرف الكثير من التعديلات والمراجعات لصالح التأكيد أكثر على الأهمية الحاسمة للمعطى السياسي (الديمقراطية) [30] في عملية التنمية، وهذا ما انعكس بالضرورة على سياسة ورؤية البرنامج لمفهوم الحكم الراشد، فقد تم اعتبار الحكم الراشد كتعبير، أو مرادف لمفهوم الحكم الديمقراطي:

            (Good Governance as Democratic Governance). [ ص: 128 ]

            التالي السابق


            الخدمات العلمية