الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الرابعة: اختلفوا في أنه هل يثبت الجرح والتعديل بقول واحد، أو لا بد من اثنين؟

فمنهم من قال: لا يثبت ذلك إلا باثنين، كما في الجرح والتعديل في الشهادات.

ومنهم من قال - وهو الصحيح الذي اختاره الحافظ أبو بكر الخطيب وغيره - أنه يثبت بواحد؛ لأن العدد لم يشترط في قبول الخبر، فلم يشترط في جرح راويه وتعديله بخلاف الشهادات. والله أعلم. [ ص: 562 ]

التالي السابق


[ ص: 562 ] 83 - قوله: (اختلفوا في أنه هل يثبت الجرح والتعديل بقول واحد، أو لا بد من اثنين؟

فمنهم من قال: لا يثبت ذلك إلا باثنين، كما في الجرح والتعديل في الشهادات. ومنهم من قال - وهو الصحيح الذي اختاره الحافظ أبو بكر الخطيب وغيره - إنه يثبت بواحد) إلى آخر كلامه.

فيه أمران:

أحدهما أنه حكي عن الأكثرين خلاف ما صححه المصنف، واختلف كلام الناقلين لذلك عنهم، فحكى الخطيب في الكفاية أن القاضي أبا بكر بن الباقلاني حكى عن أكثر [ ص: 563 ] الفقهاء من أهل المدينة وغيرهم أنه لا يقبل في التزكية إلا اثنان، سواء كانت التزكية للشهادة أو للرواية.

وحكى السيف الآمدي وأبو عمرو بن الحاجب، عن الأكثرين التفرقة بين الشهادة والرواية، ورجحه أيضا الإمام فخر الدين والآمدي أيضا، واختار القاضي أبو بكر بعد حكايته عن الأكثرين اشتراط اثنين فيهما أنه يكتفي فيهما بواحد، وأن هذا هو الذي يوجبه القياس، وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف.

الأمر الثاني: أنه يؤخذ من كلام المصنف من قوله: (بواحد) أنه يكفي كون المزكي امرأة أو عبدا. واستدل الخطيب في (الكفاية) على قبول تعديل المرأة بسؤال النبي صلى الله عليه وسلم بريرة عن عائشة رضي الله عنها في قصة الإفك.

[ ص: 564 ] وقد اختلف الأصوليون في ذلك، فجزم صاحب (المحصول) بقبول تزكية المرأة العدل والعبد العدل، وحكى الخطيب في (الكفاية) عن القاضي أبي بكر أنه حكى عن أكثر الفقهاء من أهل المدينة وغيرهم أنه لا يقبل في التعديل النساء لا في الرواية ولا في الشهادة، ثم اختار القاضي أنه يقبل تزكية المرأة مطلقا في الرواية والشهادة، إلا تزكيتها في الحكم الذي لا تقبل شهادتها فيه.

قال القاضي: "وأما العبد فيجب قبول تزكيته في الخبر دون الشهادة؛ لأن خبره مقبول وشهادته مردودة" ثم قال القاضي: "والذي يوجبه القياس وجوب قبول تزكية كل عدل مرضي ذكر أو أنثى حر أو عبد لشاهد أو مخبر" انتهى.




الخدمات العلمية