الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر أبو بكر الخطيب البغدادي في أجوبة مسائل سئل عنها أن المجهول عند أصحاب الحديث هو كل من لم تعرفه العلماء، ومن لم يعرف حديثه إلا من جهة راو واحد، مثل عمرو بن ذي مر، وجبار الطائي، وسعيد بن ذي حدان، لم يرو عنهم غير أبي إسحاق السبيعي، ومثل الهزهاز بن ميزن، لا راوي عنه غير الشعبي، ومثل جري بن كليب لم يرو عنه إلا قتادة.

قلت: قد روى عن الهزهاز الثوري أيضا.

قال الخطيب: "وأقل ما ترتفع به الجهالة أن يروي عن الرجل اثنان من المشهورين بالعلم، إلا أنه لا يثبت له حكم العدالة بروايتهما عنه" وهذا مما قدمنا بيانه. والله أعلم.

[ ص: 570 ]

التالي السابق


[ ص: 570 ] 86 - قوله: (ذكر أبو بكر الخطيب البغدادي في أجوبة مسائل سئل عنها أن المجهول عند أصحاب الحديث هو كل من لم تعرفه العلماء، ومن لم يعرف حديثه إلا من جهة راو واحد، مثل عمرو بن ذي مر، وجبار الطائي، [ ص: 571 ] وسعيد بن ذي حدان، لم يرو عنهم غير أبي إسحاق السبيعي، ومثل الهزهاز بن ميزن، لا راوي عنه غير الشعبي، ومثل جري بن كليب لم يرو عنه إلا قتادة) انتهى.

ثم تعقب المصنف كلام الخطيب فإنه "قد روى عن الهزهاز الثوري أيضا" انتهى.

وفيه أمور:

أحدها: أن الخطيب سمى والد الهزهاز (ميزن) بالياء المثناة، وتبعه المصنف، والذي ذكره ابن أبي حاتم في كتاب (الجرح والتعديل) أنه "مازن" بالألف وفي بعض النسخ بالياء، ولعل بعضهم أماله في اللفظ، فكتب بالياء. والله أعلم.

[ ص: 572 ] الأمر الثاني: أنه اعترض على المصنف في قوله: "إن الثوري روى عنه" فإن الثوري لم يرو عن الشعبي نفسه فكيف يروي عن شيوخه؟ وقد يقال: لا يلزم من عدم روايته عن الشعبي عدم روايته عن الهزهاز، ولعل الهزهاز تأخر بعد الشعبي، ويقوي ذلك أن ابن أبي حاتم ذكر في (الجرح والتعديل) أنه روى عن الهزهاز هذا الجراح بن مليح، والجراح أصغر من الثوري، وتأخر بعده مدة سنين. والله أعلم.

الأمر الثالث: أن المصنف عزا ما ذكره عن الخطيب إلى أجوبة سئل عنها، والخطيب ذكر ذلك بجملته مع زيادة فيه في كتاب (الكفاية) والمصنف كثير النقل منه، فأبعد النجعة في عزوه ذلك إلى مسائل سئل عنها.

قال الخطيب في الكفاية: "المجهول عند أصحاب الحديث هو كل من لم [ ص: 573 ] يشتهر بطلب العلم في نفسه، ولا عرفه العلماء به، ولم يعرف حديثه إلا من جهة راو واحد، مثل عمرو ذي مر، وجبار الطائي، وعبد الله بن أعز الهمداني، والهيثم بن حنش، ومالك بن أعز، وسعيد بن ذي حدان، وقيس بن كركم، وخمر بن مالك. قال: فهؤلاء كلهم لم يرو عنهم غير أبي إسحاق السبيعي.

ومثل سمعان بن مشنج، والهزهاز بن ميزن، لا يعرف عنهما راو إلا الشعبي. ومثل بكر بن قرواش، وحلام بن جزل، لم يرو عنهما إلا أبو الطفيل عامر بن واثلة، [ ص: 574 ] ومثل يزيد بن سحيم لم يرو عنه إلا خلاس بن عمرو. ومثل جري بن كليب لم يرو عنه إلا قتادة بن دعامة، ومثل عمير بن إسحاق لم يرو عنه سوى عبد الله بن عون، وغير من ذكرنا" انتهى كلام الخطيب.

وقد روى عن بعض من ذكر غير واحد، منهم: خمر بن مالك، روى عنه أيضا عبد الله بن قبسي، وذكره ابن حبان في [ ص: 575 ] الثقات إلا أنه قال "خمير" مصغرا، وقد ذكر الخلاف فيه في التصغير والتكبير ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل).

ومنهم الهيثم بن حنش روى عنه أيضا سلمة بن كهيل فيما ذكره أبو حاتم الرازي. ومنهم بكر بن قرواش روى عنه أيضا قتادة، كما ذكره البخاري في (التاريخ الكبير) وابن حبان في (الثقات) وسمى ابن أبي حاتم أباه (قريشا).

وقد فرق الخطيب بين عبد الله بن أعز ومالك بن أعز، كلاهما بالعين المهملة والزاي، وجعلهما ابن ماكولا في (الإكمال) واحدا، وأنه اختلف في اسمه على أبي إسحاق. والله أعلم.

[ ص: 576 ] وأما حلام: فهو بفتح الحاء المهملة وتشديد اللام وآخره ميم، كذا ذكره الخطيب تبعا لابن أبي حاتم.

وأما البخاري فإنه ذكر في (التاريخ الكبير) (حلاب) آخره باء موحدة، ونسبه ابن أبي حاتم إلى الخطأ في كتاب جمع فيه أوهامه في التاريخ، قال: "إنما هو حلام بالميم".

وأما مشنج والد سمعان: فهو بضم الميم، وفتح الشين المعجمة، وفتح النون المشددة، وآخره جيم. وهو فرد لم أر من سمي به غيره.




الخدمات العلمية