الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
167 - حدثنا يونس ، عن محمد بن إسحاق قال : حدثني إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة قال : حدثني بعض أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " الشهداء ثلاثة فأدنى الشهداء عند الله تبارك وتعالى منزلة رجل خرج مسودا بنفسه ورحله لا يريد أن يقتل ولا يقتل ، أتاه سهم غرب فأصابه ، فأول قطرة تقطر من دمه يغفر له بها ما تقدم من ذنبه ، ثم يهبط الله تبارك وتعالى إليه جسدا من السماء فيجعل فيه روحه ، ثم يصعد به إلى الله تبارك وتعالى فما يمر بسماء من السماوات إلا شيعته الملائكة حتى ينتهى به إلى الله عز وجل فإذا انتهي به إليه وقع ساجدا ، ثم يؤمر به فيكسى سبعون ردحا من الإستبرق ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كأحسن ما رأيتم من شقائق النعمان " ، أو حدث ذلك كعب الأحبار من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال كعب : " أجل كأحسن ما رأيتم من شقائق النعمان ، ثم يقال : اذهبوا به إلى إخوانه من الشهداء فاجعلوه معهم ، فيؤتى إليهم وهم [ ص: 128 ] في قبة خضراء في روضة عند باب الجنة يخرج عليهم حوت وثور من الجنة لغدائهم ، فيلعبان بهم حتى إذا كثر عجبهم منها طعن الثور الحوت بقرنه فبقره لهم عما يدعون ، ثم يروحان عليهم لعشائهم فيلعبان بهم حتى إذا كثر عجبهم منهما طعن الحوت الثور بذنبه فبقره لهم عما يدعون ، فإذا انتهى إلى إخوانه سألوه كما تسألون الراكب يقدم عليكم من بلادكم ، فيقولون : ما فعل فلان ؟ فيقولون : أفلس ، فيقول : فما أهلك ماله فوالله إن كان لكيسا جموعا تاجرا ، فيقولون : إنا لا نعد المفلس ما تعدون ، إنما نعد المفلس من الأعمال ، فما فعل فلان وامرأته فلانة ؟ فيقول : طلقها ، فيقولون : فما الذي نزل بينهما حتى طلقها ؛ فوالله إن كان بها لمعجبا ، فيقولون : فما فعل فلان ؟ فيقول : مات أي مات قبلي بزمان ، فيقولون : هلك والله فلان والله ما سمعنا له بذكر ، إن لله تبارك وتعالى طريقين : أحدهما علينا ، والأخرى مخالف به عنا ، فإذا أراد الله تبارك وتعالى بعبد خيرا أمر به علينا فعرفنا متى مات ، وإذا أراد الله بعبد شرا خولف به عنا فلم نسمع له بذكر ، هلك والله فلان ؛ فإن هذا أدنى الشهداء عند الله منزلة والآخر خرج مسودا بنفسه ورحله يحب أن يقتل ويقتل أتاه سهم غرب فأصابه فذلك رفيق إبراهيم خليل الرحمن صلى الله عليه وسلم يوم القيامة تحك ركبتاه ركبتيه ، وأفضل الشهداء رجل خرج مسودا بنفسه ورحله يحب أن يقتل ويقتل ، فقاتل حتى قتل قنصا فذاك يبعثه الله تعالى يوم القيامة شاهرا سيفه يتمنى على الله لا يسأله شيئا إلا أعطاه إياه " .

[ ص: 129 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية