الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
681 - أخبرنا أبو الطاهر أحمد بن عمرو ، ثنا يونس بن عبد الأعلى ، أنبأ عبد الله بن وهب ، قال : أخبرني يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب الزهري ، قال : حدثني عروة بن الزبير ، أن عائشة ، زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته ، قالت : كان أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم ، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ، ثم حبب إليه الخلاء ، فكان يخلو بغار حراء ، فيبيت فيه الليالي أولات العدد ، قبل أن يرجع إلى أهله ، ويتزود لذلك ، ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها ، حتى فجئه الحق ، وهو بحراء ، فجاءه الملك ، فقال : اقرأ ، فقال : " ما أنا بقارئ " ، قال : " فأخذني ، فغطني حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني " ، فقال : اقرأ . قلت : " ما أنا بقارئ " ، قال : " فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني " ، فقال : اقرأ . قلت : " ما أنا بقارئ ، فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد " ، فقال : ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) حتى بلغ ( علم الإنسان ما لم يعلم ) ، فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف حتى دخل على خديجة ، فقال : " زملوني " ، فزملوه حتى ذهب عنه الروع ، ثم قال لخديجة : " أي خديجة ، مالي " ، قال : فأخبرها الخبر ، قالت : فقال : " لقد خشيت على نفسي " ، فقالت [ ص: 690 ] خديجة : كلا والله لا يخزيك الله أبدا ، والله إنك لتصل الرحم ، وتصدق الحديث ، وتحمل الكل ، وتكسب المعدوم ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق " ، فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى ، وكان عم خديجة أخو أبيها ، وكان امرءا قد تنصر في الجاهلية ، وكان يكتب الكتاب العربي ، وكان يكتب الإنجيل بالعربية ما شاء الله أن يكتب ، وكان شيخا كبيرا قد عمي ، فقالت له خديجة : أي ابن عم اسمع من ابن أخيك ، قال ورقة بن نوفل : ابن أخي ماذا ترى ؟ ، فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى ، فقال له ورقة : هذا الناموس الذي نزل على موسى عليه السلام ، يا ليتني فيها جذعا ، يا ليتني أكون حيا حين يخرجك قومك ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أو مخرجي هم ؟ " ، قال : نعم ، لم يأت رجل قط بما جئت به إلا عودي ، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤيدا ، ثم لم يلبث ورقة أن توفي ، وفتر الوحي فترة ، حتى حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا ، فغدا من أجله مرارا لكي يتردى من ذروة شاهق جبال الحرم ، فكلما أوفى ذروة جبل لكي يلقي نفسه ، تبدى له جبريل ، فقال : يا محمد إنك رسول الله ، فيسكن لذلك جأشه ، ويبقي نفسه فيرجع ، فإذا طال عليه فترة الوحي غدا ، لمثل ذلك فإذا أوفى على ذروة الجبل تبدى له جبريل عليه السلام ، فقال مثل ذلك . ا ه .

التالي السابق


الخدمات العلمية