الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
717 - أخبرنا أحمد بن إسحاق بن أيوب ، ثنا محمد بن حرب ، ثنا عفان بن مسلم ، (ح) قال : وثنا موسى بن الحسن النسائي ، ثنا هدبة بن خالد ، (ح) وأنبأ محمد بن يعقوب الشيباني ، ثنا عمران بن موسى ، (ح) وأنبأ حسان ، ثنا الحسن بن عامر ، قال : ثنا هدبة ، قال : ثنا همام بن يحيى ، ثنا قتادة ، عن أنس بن مالك ، عن مالك بن صعصعة : أن نبي الله صلى الله عليه وسلم حدثهم عن ليلة أسري به ، قال : " بينما أنا في الحطيم ، وربما قال في الحجر ، مضطجعا إذ أتاني آت ، قال : فأتاني فقعد ، قال : وسمعته يقول : فشق ما بين هذه إلى هذه " ، فقلت للجارود وهو إلى جنبي : ما يعني ؟ ، قال : من ثغرة نحره إلى كذا شعرته ، قال : وسمعته يقول : من [ ص: 729 ] قصه إلى شعرته ، فاستخرج قلبي ، ثم أتيت بطست من ذهب مملوء إيمانا وحكمة فغسل قلبي ثم حشي ثم أعيد ، ثم أتيت بدابة دون البغل وفوق الحمار أبيض " فقال له الجارود : هو البراق يا أبا حمزة ؟ ، قال أنس : نعم ، يقطع خطوته عند أقصى طرفه ، " فحملت عليه ، فانطلق بي جبريل عليه السلام حتى أتى السماء الدنيا فاستفتح ، فقيل : من هذا ؟ ، قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ ، قال : محمد ، قيل : وقد أرسل إليه ؟ ، قال : نعم ، قيل : مرحبا به ، ونعم المجيء جاء ، ففتح لنا ، فلما خلصت فإذا فيها آدم ، قال : هذا أبوك آدم فسلم عليه ، قال : فسلمت عليه فرد السلام ثم قال : مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح ، ثم صعد حتى أتى السماء الثانية فاستفتح ، فقيل : من هذا ؟ ، قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ ، قال : محمد ، قيل : وقد أرسل إليه ؟ ، قال : نعم ، قيل : مرحبا به ، فنعم المجيء جاء ، ففتح ، فلما خلصت فإذا يحيى ، وعيسى عليهما السلام وهما ابنا الخالة ، قال : هذا يحيى ، وعيسى فسلم عليهما ، قال : فسلمت فردا ، ثم قالا : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح ، ثم صعد بي إلى السماء الثالثة فاستفتح ، فقيل : من هذا ؟ ، قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ ، قال : محمد ، قيل : أو قد أرسل إليه ؟ ، قال : نعم ، قيل : مرحبا به ، فنعم المجيء جاء ، ففتح فلما خلصت إذا يوسف عليه السلام ، قال : هذا يوسف فسلم عليه ، قال : فسلمت عليه فرد ، ثم قال : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح ، ثم صعد بي حتى أتينا السماء الرابعة ، فإذا إدريس عليه السلام ، فقال : هذا إدريس فسلم عليه ، فسلمت عليه فرد ، ثم قال : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح ، ثم صعد بي حتى أتينا السماء الخامسة فاستفتح ، فقيل : من هذا ؟ ، قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ ، قال : محمد ، قيل : وقد أرسل إليه ؟ ، قال : نعم ، قيل : مرحبا به ، فنعم المجيء جاء ، ففتح فلما خلصت فإذا هو هارون عليه السلام ، قال : هذا هارون فسلم عليه ، قال : فسلمت عليه فرد السلام ، ثم قال : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح ، ثم [ ص: 730 ] صعد بي حتى أتى السماء السادسة فاستفتح ، فقيل : من هذا ؟ ، قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ ، قال : محمد ، قيل : وقد أرسل إليه ؟ ، قال : نعم ، قيل : مرحبا به ، فنعم المجيء جاء ، ففتح فلما خلصت فإذا موسى عليه السلام ، قال : هذا موسى فسلم عليه ، فسلمت عليه فرد ، ثم قال : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح ، فلما تجاوزت بكى ، فقيل : ما يبكيك ؟ ، قال : أبكي لأن غلاما بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر ممن يدخلها من أمتي ، ثم صعد بي حتى أتى السماء السابعة فاستفتح ، فقيل : من هذا ؟ ، قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ ، قال : محمد ، قيل : وقد أرسل إليه ؟ ، قال : نعم ، قيل : مرحبا به ، فنعم المجيء جاء ، ففتح ، فلما خلصت فإذا إبراهيم صلى الله عليه وسلم ، قال : هذا أبوك إبراهيم فسلم عليه ، قال : فسلمت عليه فرد السلام ، ثم قال : مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح ، ثم رفعت لي سدرة المنتهى فإذا نبقها مثل قلال هجر ، وإذا أوراقها مثل آذان الفيلة ، قال : هذه سدرة المنتهى فإذا أربعة أنهار : نهران باطنان ونهران ظاهران ، فقلت : ما هذا يا جبريل ؟ ، قال : أما الباطنان فنهران في الجنة ، وأما الظاهران فالنيل والفرات ، ثم رفع لي البيت المعمور " .

قال قتادة : وثنا الحسن ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه [ ص: 731 ] وسلم : " إن البيت المعمور يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون فيه " .

ثم رجع إلى حديث أنس : " ثم أتيت بإناء من خمر وإناء من لبن وإناء من عسل فأخذت اللبن فقال : هي الفطرة أنت عليها وأمتك ، ثم فرضت علي الصلاة كل يوم خمسون صلاة ، فرجعت فمررت على موسى عليه السلام ، فقال : بم أمرت ؟ ، قلت : أمرت بخمسين صلاة كل يوم ، قال : إن أمتك لا تستطيع خمسين صلاة كل يوم ، وإني قد جربت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك ، فرجعت فوضع عني عشرا ، فرجعت إلى موسى ، فقال : بم أمرت ؟ ، قلت : أمرت بأربعين صلاة كل يوم ، قال : إن أمتك لا تستطيع أربعين صلاة ، وإني قد جربت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك ، فرجعت فوضع عني عشرا ، فرجعت إلى موسى ، فقال : بم أمرت ؟ ، فقلت : أمرت بثلاثين صلاة كل يوم ، قال : إن أمتك لا تستطيع ثلاثين صلاة وإني قد جربت الناس من قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك ، فرجعت فوضع عني عشرا ، فرجعت إلى موسى ، فقال : بم أمرت ؟ ، قلت : أمرت بعشرين صلاة كل يوم ، قال : إن أمتك لا تستطيع لعشرين صلاة ، وإني قد جربت الناس من قبلك ، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة ، فارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك ، فرجعت فوضع عني عشرا ، فرجعت إلى موسى ، فقال : بم أمرت ؟ ، قلت : أمرت بعشر صلوات كل يوم ، قال : إن أمتك لا تستطيع لعشر صلوات ، وإني قد جربت الناس من قبلك ، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك ، فرجعت فأمرت بخمس صلوات كل يوم ، فرجعت إلى موسى ، قال : بم أمرت ؟ ، قال : أمرت بخمس صلوات كل يوم ، فقال : إن أمتك لا تستطيع خمس صلوات كل يوم ، وإني قد جربت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة ، فسله التخفيف لأمتك ، قال : قد سألت ربي حتى استحييت ولكن أرضى وأسلم ، فلما جاوزت ناداني مناد : أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي ، ثم ذكر عن الحسن مرسلا إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى خمس صلوات " . ا هـ . [ ص: 732 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية