الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                            صفحة جزء
                                                                                            10875 - وعن بريدة قال : بلغني أن معاذ بن جبل أخذ الشيطان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأتيته فقلت : بلغني أنك أخذت الشيطان على عهد رسول الله ، صلى الله عليه وسلم . قال : نعم ، ضم إلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تمر الصدقة ، فجعلته في غرفة لي ، فكنت أجد فيه كل يوم نقصانا ، فشكوت ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال لي : " هو عمل [ ص: 322 ] الشيطان فارصده " .

                                                                                            قال : فرصدته ليلا ، فلما ذهب هوي من الليل ، أقبل على صورة الفيل ، فلما انتهى إلى الباب دخل من خلل الباب على غير صورته ، فدنا من التمر فجعل يلتقمه ، فشددت علي ثيابي فتوسطته ، فقلت : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله ، يا عدو الله ، وثبت إلى تمر الصدقة فأخذته ، وكانوا أحق به منك ، لأرفعنك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيفضحك . فعاهدني أن لا يعود .

                                                                                            فغدوت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : " ما فعل أسيرك ؟ " . فقلت : عاهدني أن لا يعود . قال : " إنه عائد فارصده " . فرصدته الليلة الثانية فصنع مثل ذلك ، وصنعت مثل ذلك ، وعاهدني أن لا يعود فخليت سبيله .

                                                                                            ثم غدوت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأخبره ، فإذا مناديه ينادي : " أين معاذ ؟ " . فقال لي : " يا معاذ ، ما فعل أسيرك ؟ " . فأخبرته فقال لي : " إنه عائد فارصده " .

                                                                                            فرصدته الليلة الثالثة فصنع مثل ذلك ، وصنعت مثل ذلك ، فقلت : يا عدو الله ، عاهدتني مرتين وهذه الثالثة ، لأرفعنك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيفضحك .

                                                                                            فقال : إني شيطان ذو عيال ، وما أتيتك إلا من نصيبين ، ولو أصبت شيئا دونه ما أتيتك ، ولقد كنا في مدينتكم هذه حتى بعث صاحبكم ، فلما نزلت عليه آيتان أنفرتنا منها ، فوقعنا بنصيبين ، ولا يقرآن في بيت إلا لم يلج فيه الشيطان ثلاثا ، فإن خليت سبيلي علمتكهما ، قلت : نعم ، قال : آية الكرسي ، وخاتمة سورة البقرة : آمن الرسول ، إلى آخرها .

                                                                                            فخليت سبيله ثم غدوت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأخبره ، فإذا مناديه ينادي : " أين معاذ بن جبل ؟ " . فلما دخلت عليه ، قال لي : " ما فعل أسيرك ؟ " . قلت : عاهدني أن لا يعود وأخبرته بما قال . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " صدق الخبيث وهو كذوب " . قال : فكنت أقرؤهما عليه بعد ذلك فلا أجد فيه نقصانا
                                                                                            .

                                                                                            رواه الطبراني عن شيخه يحيى بن عثمان بن صالح وهو صدوق إن شاء الله كما قال الذهبي ، قال ابن أبي حاتم : وقد تكلموا فيه ، وبقية رجاله وثقوا .

                                                                                            التالي السابق


                                                                                            الخدمات العلمية