الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
9752 - أخبرنا أبو عبد الله، أخبرنا أبو العباس، أخبرنا الربيع قال: قال [ ص: 186 ] الشافعي : وقد روى بعض، قرابة ميمونة أن النبي صلى الله عليه وسلم "نكح ميمونة محرما"، يريد ابن عباس .

9753 - قال الشافعي: فكان أشبه الأحاديث أن يكون ثابتا عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نكح ميمونة حلالا. فإن قيل: ما يدل أنه أشبهها؟ قيل: روي عن عثمان بن عفان، عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن أن ينكح المحرم، ولا ينكح، وعثمان متقدم الصحبة، ومن روى أن النبي صلى الله عليه وسلم نكحها محرما لم يصحبه إلا بعد السفر الذي نكح فيه ميمونة، وإنما نكحها قبل عمرة القضية، وقيل له: إذا اختلف الحديثان، فالمتصل الذي لا شك فيه أولى عندنا أن يثبت لو لم تكن الحجة إلا فيه نفسه، ومع حديث عثمان ما يوافقه، وإن لم يكن متصلا اتصاله، فإن قيل: فإن لمن روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نكحها محرما قرابة تعرف نكاحها، قيل: ولابن أختها يزيد بن الأصم ذلك المكان منها، ولسليمان بن يسار منها مكان الولاية شبيها أن تعرف نكاحها، فإذا كان يزيد بن الأصم، وسليمان بن يسار مع مكانهما يقولان: نكحها حلالا، وكان ابن المسيب، يقول: نكحها حلالا، ذهبت العلة في أن يثبت من قال: نكحها وهو محرم بسبب القرابة، وبأن حديث عثمان، الإسناد والمتصل لا شك في اتصاله أولى أن يثبت مع موافقة ما وصفت، فأي محرم نكح أو أنكح، فنكاحه مفسوخ بما وصفت من نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن نكاح المحرم.

9754 - قال أحمد: وقول الشافعي : نكحها قبل عمرة القضية خرج على ظاهر رواية سليمان بن يسار، ورواية ميمونة: أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها بعدما أحل أصح.

9755 - وكذلك قاله سعيد بن المسيب، وقولهما في ذلك مذكور في النكاح من: كتاب السنن: وحديث سليمان بن يسار يحتمل أن يكون موافقا لهما على ما ذكرنا فيما تقدم، والله أعلم.

9756 - وروى الشافعي في النكاح بإسناده، عن عمر بن الخطاب، أنه رد نكاح محرم .

[ ص: 187 ] 9757 - ورواه عن ابن عمر، وزيد بن ثابت، ورويناه عن علي بن أبي طالب، وهو قول عثمان.

9758 - فهؤلاء ثلاثة من الخلفاء الراشدين أجمعوا على رد نكاح المحرم، ومعهم إمامان آخران: زيد بن ثابت وابن عمر، وذلك أولى مما رواه إبراهيم، عن ابن مسعود مرسلا، ومما روي عن أنس، وهو دون هؤلاء في الإمامة والتقدم في العلم، وبالله التوفيق.

[ ص: 188 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية