264 - ويشهد لذلك قوله تعالى: ( عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ) . حدثنا أبو القاسم بإسناده، عن ابن عمر، عن النبي، صلى الله عليه وسلم، في قول: ( عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ) ، قال: يجلسه معه على السرير.
وأما قوله في حديث أبي الدرداء: "يمحو الله ما يشاء ويثبت" فليس ذلك على معنى تغيير حكم قد استقر، لكن على معنى تجديد كراماته ونعمه. ويأتي الكلام على هذا مستوفى في قوله تعالى: ( يمحو الله ما يشاء ويثبت ) ، وهو مذكور في حديث النبي، صلى الله عليه وسلم: "من سره أن يمد الله في عمره، ويوسع عليه في [ ص: 267 ] رزقه، فليتق الله وليصل رحمه".
وأما قوله في حديث أبي الدرداء: "وينزل في الساعة الثالثة وملائكته" فغير ممتنع حمله على ظاهره، ويشهد له قوله تعالى: ( وجاء ربك والملك صفا صفا ) ، وقوله: ( هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة ) ، وقد امتنع قوم من إطلاق ذلك وقالوا قوله: "جنة عدن داره ومسكنه" معناه: دار كرامته ومثوبته، وهذا غلط لوجهين، أحدهما: أن جنة عدن لا تختص بكرامته ومثوبته لأن سائر الجنان كذلك. والثاني: أنه إن جاز تأويله على هذا جاز تأويل الاستواء على العرش، على كرامته ومثوبته وتأولوا قوله: "لا يسكنها معه إلا الأنبياء والشهداء" على أنه معهم بالنصرة والكرامة، وهذا غلط، لأن ذلك يسقط فائدة التخصيص بجنة عدن، لأنه ناصرهم في غيرها، ولأن لفظة السكنى لا تستعمل في النصرة.


