الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الفصل الثاني : في الخنصر : وهو على ظاهره ، إذ ليس في حمله على ذلك ما يحيل صفاته ، وأن الخنصر كالإصبع ، والإصبع كاليد ، وقد جاز إطلاق اليدين ، كذلك ها هنا يجب أن يجوز لا على وجه التبعيض والعضو .

فإن قيل : هذا الحديث ضعيف ، ذكره حماد ، عن ثابت ، ولم يروه غيره عنه من أصحابه ، وقال بعضهم : إن حمادا كانت له خرجة إلى عبادان ، وإن ابن أبي العوجاء الزنديق أدخل على أصوله ألفاظا وأحاديث احتملها في آخر عمره ، فرواها بغفلة ظهرت فيه .

قيل : هذا حديث صحيح رواه الأثبات منهم : أحمد وهو المعول عليه في الجرح والتعديل ، وحماد بن سلمة ممن أثنى عليه أحمد ، وأخرج عنه البخاري حديثا مسندا في الصحيح ، ويجب ألا يلتفت إلى مثل هذا الكلام لأن القائل له يقصد بذلك رد أحاديث الصفات ، وقد قال الأئمة من العلماء : إن أثبت الناس في ثابت البناني حماد بن سلمة [ ص: 336 ] فإن قيل : المراد بالخنصر الشيء اليسير من آياته فذكر الخنصر وضرب المثل به ، لا أنه جعل له خنصر .

قيل : هذا غلط ، لأنه لو كان المراد ذلك لم ينكره حميد ، ولا أنكره عليه ثابت ، ولا احتج عليه بأن النبي صلى الله عليه وسلم قاله ، لأن آيات الله لا تنكر ، فثبت أن المراد بذلك صفة ذات وجواب آخر : وهو أنه إن جاز حمل الخنصر على الشيء اليسير من آياته ، جاز حمل التجلي للجبل على إظهار بعض آياته للجبل حتى جعله دكا ، وكذلك جاز حمل قوله : ( ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه ) على أنه أمر بعض ملائكته بكلامه لا أنه كلمه بنفسه ، وقد أجمعنا ومثبتو الصفات على أنه تجلى بذاته للجبل ، وكلم موسى بنفسه ، كذلك ها هنا يجب أن يحمل الخنصر على أنها صفة لذاته ، كما وجب حمل اليد التي خلق بها آدم [ ص: 337 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية