الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
19 - وذكر أبو جعفر محمد بن جرير بن الطبري في كتاب التبصير في معالم [ ص: 49 ] الدين بعد أوراق من أوله القول فيما أدرك عمله من صفحات الصانع، خبرا لا استدلالا، وذكر كلاما إلى أن قال: وذلك نحو إخبار الله، تعالى ذكره، أنه سميع بصير، وأن له يدين بقوله: ( بل يداه مبسوطتان ) . وأن له يمينا بقوله: ( والسماوات مطويات بيمينه ) وأن له وجها بقوله: ( كل شيء هالك إلا وجهه ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ) وأن له قدما بقول النبي، صلى الله عليه وسلم: "حتى يضع الرب فيها قدمه يعني: جهنم"، وأنه يضحك إلى عبده المؤمن بقول النبي، صلى الله عليه وسلم، للذي قتل في سبيل الله: "إنه لقي الله وهو يضحك إليه"، وأنه يهبط كل ليلة وينزل إلى السماء الدنيا بخبر رسول الله بذلك. وأنه ليس بأعور بقول النبي، صلى الله عليه وسلم: "إذا ذكر الدجال فقال: إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور"، وأن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة بأبصارهم كما يرون القمر ليلة البدر بقول النبي، صلى الله عليه وسلم، ذلك، وأن له إصبعا بقول النبي، صلى الله عليه وسلم: "ما من قلب إلا وهو بين إصبعين من أصابع الرحمن" بأن هذه المعاني التي وصفت ونظائرها مما وصف الله تعالى نفسه أو وصفه بها رسوله مما لا يدرك حقيقة علمه بالفكر والرؤية ولا نكفر بالجهل بها أحدا إلا بعد انتهائها إليه.

ثم ذكر بعد ذلك بأوراق: فالصواب من القول في ذلك عندنا أنه كلام الله غير مخلوق كيف كتب؟ وكيف تلي؟ وفي أي موضع قرئ؟ في السماء وجد أم في الأرض حفظ؟ في اللوح المحفوظ كان مكتوبا أو في ألواح صبيان الكتاتيب مرسوما؟ في حجر نقش أو في ورق خط أو باللسان لفظ؟ فمن قال غير ذلك أو ادعى أن قرآنا في الأرض أو في السماء سوى القرآن الذي نتلوه بألسنتنا أو نكتبه في مصاحفنا، أو اعتقد ذلك بقلبه أو أضمره في نفسه وقاله بلسانه فهو بالله كافر، حلال الدم وبرئ من الله، والله منه بريء. [ ص: 50 ] ثم قال بعد ذلك: فمن رد علينا أو حكى عنا أو تقول علينا وادعى أنا قلنا غير ذلك فعليه لعنة الله وغضبه ولعنة اللاعنين والملائكة والناس أجمعين، ولا قبل الله له صرفا ولا عدلا، وهتك ستره وفضحه على رؤوس الأشهاد يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم، ولهم اللعنة ولهم سوء الدار.

فهذا كلام ابن جرير وهو ممن يشار إليه ويعول عليه.

التالي السابق


الخدمات العلمية