[ ص: 2 ] بسم الله الرحمن الرحيم  
( باب ما جاء في تعطر رسول الله - صلى الله عليه وسلم )  
التعطر : استعمال العطر كما أن التطيب استعمال الطيب ، ورجل معطر كثير التعطر ، والعطر بالكسر الطيب .  
واعلم أنه - صلى الله عليه وسلم - كان  طيب الريح دائما ، وإن لم يمس طيبا   ، ومن ثمة قال  أنس     :  ما شممت ريحا قط ولا مسكا ولا عنبرا أطيب من ريح رسول الله - صلى الله عليه وسلم     - . رواه  أحمد  ،   والبخاري  بلفظ مسكة ، ولا عنبرة ، والمصنف في باب الخلق بلفظ مسكا ، ولا عطرا كان أطيب من عرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .  
وروى   الطبراني  أنه - صلى الله عليه وسلم - نفث في يده ثم مسح ظهر عقبة ، وبطنه فعبق به طيب حتى كان عنده أربع نسوة كلهن تجتهد أن تساويه فيه ، فلم تستطع مع أنه كان لا يتطيب     .  
وروى هو  وأبو يعلى  أنه - صلى الله عليه وسلم - سلت أي مسح بأصبعه لمن استعان به على تجهيز بنته من عرقه في قارورة ، وقال : مرها فلتطيب به فكانت إذا تطيبت به شم أهل المدينة ذلك الطيب فسموا بيت المطيبين     .  
وروى  الدارمي  ،  والبيهقي  ،  وأبو نعيم  أنه لم يكن يمر بطريق فيتبعه أحد إلا عرف أنه سلكه من طيب عرقه وعرفه ، ولم يكن يمر بحجر إلا يسجد له .  
وروى  أبو يعلى   والبزار  بسند صحيح  أنه كان إذا مر من طريق وجدوا منه رائحة الطيب ، وقالوا : مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من هذا الطريق     . وفي صحيح  مسلم  أنه نام عند  أم أنس  فعرق فسلتت عرقه في قارورتها فاستيقظ فقال : ما هذا الذي تصنعين يا أم سليم فقالت : هذا عرقك نجعله لطيبنا ، وهو أطيب الطيب     .  
وأما  فضلاته - صلى الله عليه وسلم      - فروى   الطبراني  بسند حسن أو صحيح أن  عائشة  رضي الله عنها قالت :  يا رسول الله إني أراك تدخل الخلاء ثم يأتي الذي بعدك فلا يرى لما يخرج منك أثرا فقال : يا  عائشة  أما علمت أن الله أمر الأرض أن تبتلع ما يخرج من الأنبياء     .  
ورواه  ابن سعد  من طريق آخر  والحاكم  في مستدركه من طريق آخر . قال  ابن حجر     : فقول  البيهقي  هذا من موضوعات  الحسن بن علوان  لا ينبغي ذكره ففي الأحاديث الصحيحة المشهورة في معجزاته كناية عن كذب  الحسن بن علوان  يحمل على متنه الذي ذكره بخصوصه ، وهو .  
أما علمت أن أجسادنا نبتت على أرواح أهل الجنة وما خرج منها ابتلعته الأرض     . أو على أن الحكم عليه بالوضع خاص بتلك الطريق دون بقية الطرق أو على أنه لم يطلع على تلك الطرق وهذا الأظهر .  
ثم ما ذكر إنما هو الغائط وأما البول فقد شاهده غير واحد وشربته   بركة أم أيمن  مولاته  وبركة أم يوسف  خادمة  أم حبيبة  صحبتها من أرض      [ ص: 3 ] الحبشة   ، وكان له قدح من عيدان تحت سريره يبول فيه فشربته  بركة  الثانية فقال لها : صححت يا  أم يوسف  فلم تمرض سوى مرض موتها .  
وصح عن  بركة  الأولى قالت :  قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ليلة إلى فخارة في جانب البيت فبال فيها فقمت من الليل ، وأنا عطشانة فشربت ما فيها ، وأنا لا أشعر فلما أصبح - صلى الله عليه وسلم - قال : يا  أم أيمن  قومي فأهريقي ما في تلك الفخارة فقلت : والله شربت ما فيها فضحك - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت نواجذه ثم قال : أما والله لا ينجعن بطنك أبدا     .  
قال  ابن حجر     : وبهذا استدل جمع من أئمتنا المتقدمين وغيرهم على طهارة فضلاته - صلى الله عليه وسلم - وهو المختار وفاقا لجمع من المتأخرين فقد تكاثرت الأدلة عليه وعده الأئمة من خصائصه ، وقيل سببه شق جوفه الشريف وغسل باطنه - صلى الله عليه وسلم .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					